المكونة من ألف رجل الحصار مدة أربعين يوماً، فلما حل اليوم الخامس عشر من شهر يولية قاد جدفري وتانكرد رجالهما وتسلقوا أسوار المدينة، وتم للصليبيين الفوز بغرضهم بعد أن لاقوا في سبيله الأمرين. وفي هذا يقول القس ريمند الإجيلي شاهد العيان:
وشاهدنا أشياء عجيبة، إذ قطعت رؤوس عدد كبير من المسلمين وقتل غيرهم رمياً بالسهام، أو أرغموا على أن يلقوا أنفسهم من فوق الأبراج، وظل بعضهم الآخر يعذبون عدة أيام، ثم أحرقوا في النار. وكنت ترى في الشوارع أكوام الرؤوس والأيدي والأقدام، وكان الإنسان أينما سار فوق جواده يسير بين جثث الرجال والخيل (١٩).
ويروي غيره من المعاصرين تفاصيل أدق من هذه وأوفى؛ يقولون إن النساء كن يقتلن طعناً بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم (٢٠) ويقذف بهم من فوق الأسوار، أو تهشم رؤوسهم بدقها بالعمد، وذبح السبعون ألفاً من المسلمين الذين بقوا في المدينة، أما اليهود الذين بقوا أحياء فقد سيقوا إلى كنيس لهم، وأشعلت فيهم النار وهم أحياء. واحتشد المنتصرون في كنيسة الضريح المقدس، وكانوا يعتقدون أن مغارة فيها احتوت في يوم ما المسيح المصلوب. وفيها أخذ كل منهم يعانق الآخر ابتهاجاً بالنصر، وبتحرير المدينة، ويحمدون الرحمن الرحيم على ما نالوا من فوز!.