تلك كانت القاعدة التي بني عليها المجهر منظار الميدان ومنظار الأوبرا، والمقراب، أي أنها مجموعة من المخترعات، وكلها متنوعة الأنسجة، وكان المجهر البسيط. أي العدسة المحدبة الواحدة، معروفة لأمد طويل. أما الاختراع الذي البيولوجيا فهو الميكروسكوب المركب الذي يجمع بين عدة عدسات لامة. ونمت صناعة شحذ العدسات وصقلها بصفة خاصة في الأراضي الوطيئة وعاش سبينوزا عليها ومات بها. وحوالي ١٥٩٠ جمع صانع النظارات المدعو زخارياس جانس، في مدلبرج، بين عدسة مزدوجة مقعرة وأخرى مزدوجة محدبة، ليضع أقدم مجهر مركب معروف: وبفضل هذا الاختراع ظهرت البيولوجيا الحديثة والطب الحديث.
وجاء بعد ذلك تطبيق آخر لهذه القواعد فحول علم الفلك. ذلك أنه في ٢ أكتوبر ١٦٠٨ قدم صانع نظارات آخر في مدلبرج، هو هانز لبرشي. إلى الجمعية العمومية للمقاطعات المتحدة (التي ما زالت في حرب مع أسبانيا) وصفاً لآلة يمكن بها رؤية الأشياء من مسافة بعيدة. إن لبرشي وضع عدسة مزدوجة محدبة "العدسة الشيئية" على الطرف البعيد من أنبوبة، وعدسة مزدوجة مقعرة "العينية" على الطرف القريب. وأدرك المشرعون القيمة العسكرية لهذا الاختراع فكافئوا البرشي بتسعمائة فلورين. وفي ١٧ أكتوبر أثبت رجل هولندي آخر-جاكوس متيوس، أنه كان قد صنع من تلقاء نفسه ومن وحي تفكيره هو، آلة مماثلة. وما أن سمع جاليليو بهذه التطورات حتى صنع آلة التلسكوب (المقراب) الخاصة في بادوا (١٦٠٩)، التي كبرت الأشياء إلى ثلاثة أمثالها، وتلك هي الآلات التي كبر بها العالم. وفي ١٦١١ اقترح كبلر أنه يمكن الحصول على نتائج أفضل، إذا عكست أوضاع العدسات في اختراع جاليليو، باستخدام العدسة المحدبة في "العينية" والمقعرة في "الشيئية". وفي ١٦١٣ - ١٦١٧ صنع الجزويتي كرستوف شينر، على هذا الأساس، مقراباً "تلسكوب" أفضل، بيد أنه أدخل شيئاً من التحسين على ما كان معروفاً من قبله (٤١).