وفي الوقت عينه، وعلى نفس الأسس التي كانت معروفة لدى "هيرو" السكندري في القرن الثالث الميلادي أو قبله، كان جاليليو قد اخترع (حوالي ١٦٠٣) مقياساً للحرارة (ترمومتر). بأن وضع الطرف المفتوح لأنبوبة زجاجية في وعاء من الماء، وكان طرفها الثاني عبارة عن بصيلة زجاجية (منتفخ الترمومتر) فارغة، عمد إلى تسخينها بملامستها ليديه. فلما سحب يده بردت البصيلة، وارتفع الماء في الأنبوبة. وفي ١٦١٣ قسم جيوفني ساجريدو، صديق جاليليو، الأنبوبة إلى مائة درجة.
وجاء أفانجلستا تورشللي، أحد تلاميذ جاليليو، فأحكم سداد أحد طرفي أنبوبة طويلة، وملأها بالزئبق، وأوقفها بطرفها المفتوح مغمورة في وعاء به الزئبق، فلم يفض زئبق الأنبوبة إلى الوعاء. وأرجع علماء الفيزياء هذه الظاهرة إلى "اشمئزاز الطبيعة من الفراغ". وأرجعها تورشللي إلى ضغط الهواء المحيط على الزئبق في الوعاء. وعللها بأن الضغط الخارجي لا بد أن يرفع الزئبق في الوعاء إلى الأنبوبة الخالية المفرغة من الهواء. وأثبتت التجربة صحة ما ذهب إليه. وأوضح أن التغيرات في ارتفاع الزئبق في الأنبوبة يمكن استخدامها مقياساً للتغيرات في الضغط الجوي، ومن ثم في ١٦٤٣ أول مقياس للضغط الجوي (البارومتر) الذي لا يزال الآلة الأساسية في الأرصاد الجوية.
ومذ تزودت العلوم بهذه الأدوات الجديدة، فإنها اتجهت إلى الرياضيين تسألهم طرقاً أفضل للحساب والقياس وللتدوين بالعلامات والرموز واستجاب نابيير وبيرجي-كما عرفنا-لهذا النداء باللوغاريتمات، وأوترد بالمسطرة الحاسبة، ولكن كانت ثمة نعمة أكبر باختراع الطريقة العشرية وكانت بعض آراء أو مقترحات اجتهادية قد مهدت الطريق، كما هي العادة، فإن الكاشي السمرقندي (المتوفى ١٤٣٦) كان قد أوضح أن النسبة التقريبية بين محيط الدائرة وقطرها هي: ٣. ١٤٩٢٦٥٣٥٨٩٨٧٣٢، وهذا كسر عشري-مستخدماً مسافة