لشبونة (٢٧). ولكن هل كان الآثمون هم وحدهم الذين ذهبوا للصلاة في الكنائس في هذا الصباح الرهيب؟ ولماذا هلك كثير من القساوسة المتبتلين والراهبات المتفانيات في الإخلاص للدين في الزلزال والحريق؟ وربما هلل المسلمون للكارثة باعتبارها غنتقاماً إلهياً من محاكم التفتيش في البرتغال، ولكن الزلزال دمر المسجد الكبير الذي يحمل اسم المنصور في الرباط. وعزا بعض الكهنة البروتستنت في لندن هذه الكارثة لاستنكار السماء لجرائم الكاثوليك ضد الإنسانية. ولكن في ١٩ نوفمبر من نفس العام دمر الزلزال خمسة عشر ألف منزل في بوسطن مساشوست موطن الحجاج والبيوريتانيين. وأعلن وليم ووربرتون أن مذبحة لشبونة "أبرزت عظمة الله في أبهى صورها (٢٨) وألقى جون ويزلي موعظة عن أسباب الزلازل علاجها قال فيها "إن الخطيئة هي السبب المعنوي للزلازل مهما كان سببها الطبيعي … إن الززل هي نتيجة اللعنة التي صبتها على الأرض خطيئة آدم وحواء الأولى (٢٩)".
واستشاط فولتير غضباً لهذه التفسيرات، ولكنه هو نفسه لم يجد شيئاً يوفق بين الحادث وبين إيمانه بإله عادل "أين الآن قول ليبنتز "أحسن العوالم الممكنة" أو قول بوب "كل ما هو موجود هو حسن"؟ (٣٠) ونظم فولتير كرد فعل غاضب لتفائله السابق أعظم قصيدة له "كارثة لشبونة" اختيار للحقيقة المقررة "كل شيء حسن" وهنا نغتنم الفرصة لنقطتف نموذجاً من فكرة شعره:
"آه أيتها المخلوقات الفاتنة التعسة. أيها الأرض المخزنة، أيها الجمع الرهيب من البشر. أيها المستقر الخالد لل البلايا العقيمة الفاجعة، أيها الحكماء الحمقى الذين ينادون بأعلى صوت كل شيء حسن، تعالوا وتأملوا كل هذه الخرائب الأطلال الرهيبة. وهذا الحطام وأشلاء ورماد الجثث بني جنسكم، وأنظروا إلى النساء والأطفال الذين حصدهم الموت بالجملة، إلى الأعضاء المتناثرة تحت الأعمدة المحطمة. لقد التهمت الأرض مائة ألف حالفهم النحس، لقد سالت دماؤهم وتمزقت أوصالهم، واندفعوا وهم أحياء