تقريباً على تفهم الموضوعات تفهماً واضحاً وعرضها عرضاً مقنعاً. وعين سكرتيراً للدولة بنفوذها ونفوذ كونشيني (١٦١٦). وبعد عام قتل كونشيني وفقد ريشليو وظيفته. وبعد أن خدم الملكة الأم المنفية في بلوا فترة قصيرة عاد إلى لوسون. وبيتت ماري الهروب؛ واشتبه في اشتراك ريشيليو في المؤامرة، فنفي إلى أفنيون (١٦١٨)، وبدا أن مجرى حياته السياسية قد انتهى. ولكن الجميع-حتى خصومه-اعترفوا بقدراته، ولما تدلت ماري ليلاً من إحدى نوافذ قلعتها في بلوا وانضمت إلى قوة من النبلاء المتمردين، استدعى لون الأسقف الشاب وعهد إليه أن يرد الملكة إلى رشدها ويصلح بينها وبين الملك. فأفلح في مهمته، وحصل له لويس على قلنسوة الكردينالية، وعينه في مجلس الدولة. وسرعان ما وضح للعيان تفوق ريشليو عقلاً وإرادة، فأصبح رئيساً للوزراء في أغسطس ١٦٢٤ وهو في التاسعة والثلاثين.
وقد وجد الملك فيه بالضبط تلك الصفات التي افتقدها في نفسه: الذكاء الموضوعي، والهدف الواضح، وصلابة الغايات، ومرونة الوسائط، وكان للويس من الحصافة ما جعله يتقبل ارشاد الكردينال في المهمة الثلاثية -مهمة اخضاع الهيجونوت، والنبلاء، وأسبانيا، قال ريشليو في مذكراته مقدراً له هذه الخلة «إن قدرة الملك العظيم على أن يسمح بأن يخدم (أي بأن يفوض غيره بالسلطة) ليست من أقل صفات الملك العظيم شأناً (١٨)». لم يكن لويس متفقاً مع وزيره في جميع الحالات، وكان أحياناً يوبخه، وكان دائماً يغار منه، وقد فكر بين الحين والحين في طرده. ولكن أبى له أن يرفض رجلاً مطلق السلطة في فرنسا وصاحب الكلمة العليا في أوربا، ويحصل له من الضرائب أكثر حتى مما كان صلى يجمعه؟
وتجلت روح الكردينال أول ما تجلت في موقفه من الدين. فلقد قبل في غير نقاش عقائد الكنيسة، وأضاف إليها بعض الخرافات التي يعجب المرء لأن عقلاً أوتي مثل هذه القوة آمن بها. ولكنه رفض ما ذهب