وقد عبَّر في مناسبات مختلفة عن عدم حبّه للشخصية الفرنسية. قال لا كاس Las Cases:
" إن الإمبراطور يتحدث بإسهاب عن تقلّبنا وتغير مواقفنا بسرعة فهو يقول إن كل الفرنسيين متمرّدون ميَّالون لتوجيه اللوم … فرنسا تحب التغيير ولا تُطيق بقاء أي حكومة لفترة طويلة ".
وتحدث غالباِ - بإلحاح شديد لا يُلح مثله إلاّ من كان غير واثق - عن حبه لفرنسا، وكان يكره أن يُقال له يا كورسيكي Corsican فمن أقواله: "أريد أن أكون فرنسياً خالصاً وأنه لنُبل ما بعده نُبل أن يكون المرء قد وُلد فرنسياً". لكنه في سنة ١٨٠٩ أفضى إلى روديريه Roederer بما يعنيه بهذا الحب:
"ليس له إلاّ عاطفة حب واحدة وخليلة واحدة. إنها فرنسا. إنني أنام معها، فلم تخذلني أبداً. لقد ضحّت بدمائها وأموالها من أجلي، فإن طلبت منها ٥٠٠،٠٠٠ مقاتل قدمتهم لي لقد أحبّها على نحو ما يحب عازف الكمان كمانه، كأداة سريعة الاستجابة لقوسه وإرادته".
لقد شد على أوتارها حتى قطعها، قطعها جميعاً تقريباً وفجأة.
أكان نابليون هو ابن الثورة الفرنسية؟ هكذا كان يطلق عليه المتحالفون الأوروبيون ضدّه لكنهم كانوا يقصدون بذلك أنه ورث كل آثامها وجرائمها وأنه واصل مهمتها في إبعاد أسرة البوربون التي كانت حاكمة. أما هو نفسه فقال مراراً إنه قد كان سبباً في إنهاء الثورة الفرنسية أو بتعبير آخر أوصلها إلى النهاية - انه لم يُنه ما سبّبته من فوضى وعنف فحسب، وإنما أنهى أيضاً دعاويها الديمقراطية (غير الحقيقية). لقد كان ابناً للثورة إلى الحد الذي احتفظ فيه بإنعتاق الفلاحين وتحررهم، وحرية التجارة والقيام بالمشروعات وإلى الحد الذي جعل فيه الناس سواسية أمام القانون وإلى الحد الذي فتح فيه أبواب المناصب على مصاريعها أمام الموهوبين والقادرين كما كان ابناً للثورة في إرادته المعقودة على الدفاع عن حدود فرنسا الطبيعية،
لكنه عندما جعل من نفسه قنصلاً مدى الحياة فإمبراطوراً وعندما قضى على حرية الحديث وحرية الصحافة وأنهى شراكة الكنيسة الكاثوليكية في الحكم وأقام سجوناً جديدة وشجع الأرستقراطية القديمة والجديدة - فإنه - بالتأكيد - يكون قد أصبح بعيداً عن كونه ابناً للثورة. وكان نابليون يمكث أيضاً في البلاد المفتوحة، وفيها أنهى