ومحارباً. ولمّا وجد أن أوربا منقسمة على نفسها وأن حكومتها فاسدة، وأن هذا الانقسام والفساد يحولان بينها وبين الأقدام على حرب صليبية ضد الأتراك استقر رأيه على أن يكر س جهوده الدنيوية لإصلاح أحوال إيطاليا. وقد وجدها هي أيضاً لا تخلو من الانقسام - فقد كان الحكام المحليون يتحدون سلطة البابا في الولايات البابوية، وكان في لاتيوم حكم غاشم يقوم به النبلاء متجاهلين سلطان البابا، وفي روما غوغاء بلغ من اختلال نظامهم أن رجموا محمله في موكب التتويج بالحجارة لأنهم غضبوا من حدوث اصطدام نشأ من وقوف الفرسان فجاءة. وكان سكستس يعتزم إعادة النظام إلى روما، وتقوية سلطان القاصد الرسولي في الولايات البابوية، وإخضاع إيطاليا لحكم البابا الذي يعمل على توحيدها.
وكان سكستس تحيد به الفوضى من كل جانب، وكان قليل الثقة بالغرباء، شديد التأثير بصلات القربى؛ ولهذا حبا أبناء أخوته الجشعين بمناصب تدر عليهم المال والسلطان. وكان من أشد المحن التي لاقاها في أيام رياسته الدينية أن من يحبهم أعظم الحب كانوا شر الناس جميعاً، وأنهم استغلوا مراكزهم استغلالاً سافلاً جلب عليهم احتقار إيطاليا بأجمعها. وكان أحب الناس إليه بيترو (أو بيرو) رياريو Pietro (Piero) Riario ابن أخيه - وهو شاب وسيم الطلعة إلى حد ما، مرح، فَكِه، مجامل، كريم، ولكنه مولع بالترف والشهوات الجسمية ولعاً لم تستطع معه المناصب الكهنوتية التي حباه بها البابا والتي تدر عليه المال الوفير أن توفي بمطالب هذا الراهب الذي كان من قبل معدماً متسولاً. وعينه سكستس كردنالاً في الخامسة والعشرين من عمره (١٤٧١)، ونفحه بأسقفيات تريفيزو وسنجاليا Senigallia، واسبالاتو، وفلورنس، كما نفحه بمراكز أخرى عالية الشأن، درت عليه دخلاً قدره ستون ألف دوقة (١. ٥٠٠. ٠٠٠؟ دولار) كل عام. وكان بيرو ينفق هذا الدخل كله، وأكثر منه، في شراء آنية من الفضة والذهب، والثياب الجميلة، والسجف المنقوشة، والأقمشة