للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجلال من الشعب وأنها لم تكن تقل في هذين عن أعظم نماذج فنّي العمارة والنحت (١٠).

ولم يكن بولجنوتس Polygnotus الثاسوسي أقل شهرةً في بلاد اليونان في القرن الخامس من إنكتينس Inctinus أو فدياس. ونجد هذا المصور في أثينة في عام ٤٧٢، ولعل سيمون الثري هو الذي توسط له فكلف بتزيين عدة مبانٍ عامة ورسم صورٍ على جدرانها (١). وقد صور في ذلك العهد على الاستوا Stoa، التي سميت من ذلك الحين البوسيلي Boecile أو الرواق المصور، والتي اشتق منها بعد ثلاثة قرون اسم فلسفة زينون (٢)، صور عليها منظر نهب طروادة - ولم يكن ذلك المنظر منظر المذبحة الرهيبة التي حدثت في ليلة النصر، بل كان منظر السكون الرهيب الذي ساد المدينة في صباح اليوم الثاني، والمنتصرون قد هدأ من سورتهم ما يحيط بهم من الخراب، والمغلوبون ملقون على الأرض هادئين. وقد رسم على هيكل الديسكوريين صورة اغتصاب اللوسيبيديات. وكان تصويره النساء في أثواب شفافة سابقة احتذاها من جاء بعده من الفنانين. ولم تثر هذه البدعة ثائرة المجلس الأمفكتيوني، بل إن هذا المجلس دعا بولجنوتس إلى دلفي حيث صور في اللسكي Lesche أو ردهة الاستراحة صورة أوديسيوس في الجحيم وصورة أخرى لانتهاب طروادة. وكانت هذه الصور كلها مظلمات كبيرة خالية من المناظر الطبيعية أو الخلفيات، مزدحمة بصور الأشخاص إلى حد كان لا بد معه أن يستعان بعدد كبير من المساعدين ليرسموا بالألوان ما بين الخطوط الخارجية التي خططها المصور بعناية فائقة. أما الصورة الجدارية التي تمثل طروادة فكان فيها بحارة متلوس على أهبة الإبحار عائدين إلى بلاد اليونان، وكانت هلن تجلس في وسط الملاحين، ومعها كثيرات غيرها من النساء ولكنهن كن جميعاً يبهرهن جمالها الفتان،


(١) وقد جازى سيمون على عمله هذا بأن أحب أخته البنيس ورسم صورة لها تمثل لوديسيا بين الطرواديات.
(٢) لفظة Stoi أي رواقي مشتقة من stoa كما اشتقت اللفظة العربية من رواق.