للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقفت أندرمكي في إحدى الزوايا محتضنة استيانكس، ووقف في زاوية أخرى غلام صغير يتعلق بمذبح من شدة الخوف، وعلى بعد من البحارة كان جواد يتمرغ على رمال الشاطئ (١٢). في هذه الصورة كانت مسرحية "الطرواديات" قبل أن يكتبها يوربديز بخمسين عاماً. وأبى بولجنوتس أن يتقاضى أجراً على عمله هذا، ووهب الصور لأثينة ودلفي كرماً منه وثقة بقدرته ومواهبه. وأعجبت بلاد اليونان كلها بعمله، ومنحته أثينة مواطنيتها. وقرر المجلس الأمفكتيوني أن يحل ضيفاً على حساب الدولة في كل مدينة يونانية ينزل بها (كما كان يريد سقراط لنفسه)، ولم يبق من آثاره كلها إلا قطعة صغيرة من اللون على جدار في دلفي تذكرنا بأن الخلود الفني ليس إلا لحظة عابرة في حساب الأزمنة الجيولوجية.

وفي عام ٤٧٠ ق. م أقامت دلفي وكورنثة مباريات دورية في التصوير تعقد كل أربع سنين لتكون جزءاً من الألعاب البيئية والبرزخية. وتقدم الفن وقتئذ تقدماً أمكن بانينس شقيق فدياس (أو ابن أخيه) أن يرسم صوراً لقواد الاثينيين والفرس في واقعة مرثون يمكن تمييز أشخاصهم فيها. ولكنه كان حتى ذلك الوقت لا يزال يضع الأشخاص المصورين جميعهم في مستوى واحد ويجعل طول قامتهم كلهم واحداً، ولم يكن يمثل البعد بتصغير حجم الأشخاص شيئاً فشيئاً وبتنظيم الضوء والظل، بل كان يمثله بالخطوط المنحنية التي تمثل الأرض الواقفين عليها. ثم تقدم الفن في عام ٤٤٠ خطوة هامة. ذلك أن أجاثاركس suhcrahtagA، الذي استخدمه إسكلس وسفكليز ليرسم مناظر مسرحياتهما تبين أن ثمة علاقة بين الضوء والظل من جهة والبعد من جهة أخرى، وكتب رسالةً في الفن المنظور بوصفه وسيلة لإيجاد الخداع المسرحي. وعالج أنكساغوراس ودمقريطس الفكرة من الناحية العلمية، فلما أوشك القرن على نهايته اشتهر أبلودورس Apollodorus الأثيني باسم اسكياجرافوس Skiagraphos أي مصور الظلال، لأنه رسم صوراً استخدم