تستغل كثيراً من المزارع الواسعة بجهود الأرقاء (١٠). وأعيد فتح مناجم لوريوم، وأرسل إلى الحفر ضحايا جدد، وتكونت ثروات جديدة من الفضة الغفل ومن الدماء البشرية؛ وعرض أكسانوفون (١١) طريق ظريفة تستطيع بها أثينة أن تملأ خزائنها بالمال، ولا تكلفها أكثر من أن تشتري مائة ألف من الأرقاء تؤجرهم إلى المقاولين في لاريوم. وأثمرت هذه الطريقة ثمرتها المرجوة فاستخرجت من الفضة مقادير تفوق ما كان ينتج من السلع، فارتفعت الأثمان، أسرع من ارتفاع الأجور، ووقع عبء هذا الانقلاب على كاهل الفقراء.
وازدهرت الصناعة وتلقت محاجر بنتلكس ومصانع الفحار في السرمكس طلبات من عالم بحر إيجة كله. وجمع بعضهم ثروات طائلة لشراء منتجات الصناع اليدويين أو المصانع الصغيرة بأثمان بخسة وبيعها بعدئذ بأغلى الأثمان في الأسواق المحلية أو الخارجية. وسرعان ما تضاعف عدد المصارف المالية في أثينة تبعاً لنمو التجارة وتجمع الثروة النقدية بدل الثروة العقارية. وتلقت هذه المصارف كثيراً من النقود أو الذخائر القيمة لحفظها لديها، ولكن يلوح أنها لم تكن تؤدي فوائد من هذه الودائع. وسرعان ما وجد أصحاب المصارف أن هذه الودائع لا تسترد كلها في وقت واحد في الظروف العادية، فشرعوا يقرضون المال بفوائد عالية، واقتصروا في بادئ الأمر على إقراض المال دون الاشتغال بوسائل الائتمان الأخرى، فكانت تضمن عملاءها، وتحصل لهم مطلوباتهم، وتقرض النقود بضمان العقاري أو النفائس، وتمد السفن التي تنقل البضائع بحاجتها من المال. وكان في وسع التاجر، بفضل هذه المصارف وأكثر من هذا بفضل القروض التي يقدمها الأفراد مجازفة منهم ومضاربة لجني الأرباح الطائلة، أن يستأجر سفينة ينقل عليها بضاعته إلى إحدى الأسواق الأجنبية، ويشتري منها بدل هذه البضاعة شحنة أخرى، إذا وصلت إلى بيرية بقيت فيها ملكاً لأصحاب الديون حتى يستردوا ديونهم (١٢). ولما تصرم بعض القرن الرابع نشأ نظام من نظم الائتمان الحقيقي: فشرع