الصحيحة؟ لقد أجاب هلفتيوس قبيل ذلك بأن هذا ممكن، وذلك في كتابه "عن العقل"(١٧٥٨)، ولكنه قدم حجة لا مخططاً.
أما روسو فقد أستهل كتابه بفرض الطرق القائمة لأنها تلقن، بالصم عادة، أفكاراً بالية فاسدة، وتحاول جعل الطفا آلة طيعة في مجتمع منحل، وتمنع الطفل من التفكير والحكم لنفسه، وتشوهه فتهبط بمستوى قدراته، وتلوح بملاحظات تافهة وأقوال قديمة مبتذلة. وقد أخمد هذا التعليم المدرسي كل الحوافز الفطرية، وجعل، التربية عذاباً يتوق كل طفل إلى تجنبه. ولكن التعليم يحب أن يكون عملية سعيدة فيها تفتح طبيعي، وتعلم من الطبيعة والتجربة، وتنمية حرة لقدرات الطفل نحو حياة فياضة لذيذة. يجب أن تكون "فن تدريب الناس (٤١) " والإرشاد الواعي للجسم النامي ليبلغ الصحة، وللخلق ليبلغ الفضيلة، وللذهن ليبلغ الذكاء، وللوجدان ليبلغ ضبط النفس وحب العشرة والسعادة.
وكان روسو يؤثر أن يكون هناك نظام تعليم عام تقوم عليه الدولة، ولكن بما أن التعليم كان يومها في يد الكنيسة فقد أوصى بتعليم خاص يضطلع بع معلم أعزب ينقد أجراً نظير تكريس سنين كثيرة من حياته لتلميذه. وعلى هذا المعلم أن يبعد الطفل ما أمكن عن أبويه وأقاربه مخافة أن تصل إليه العدوى من رذائل الحضارة المتراكمة. وأضفى روسو على بحثه صبغة إنسانية بتخيله أنه قد فوض بكامل السلطة تقريباً ليربي غلاماً طيباً جداً يدعى إميل. وهي فكرة لا يمكن تصديقها، ولكن روسو وفق في أن يجعل هذه الصفحات-وعددها ٤٥٠ - أمتع كتاب ألف في التربية إطلاقاً. وقد تناول كانت "إميل" لقرأه فاستغرق في قراءته استغراقاً أنساه الخروج للتمشي في نزهته اليومية (٤٢).
وما دامت الطبيعة ستكون الهادي والمرشد للمعلن، فسيعطى الطفل كل الحرية التي تسمح بها سلامته. وسيبدأ بإقناع مربيته بأن تحرر الرضيع من أقمطته لأنها تعوق نموه وتطور أطرافه تطوراً سليماً. ثم يقنع أمه بإرضاع طفلها بدلاً من أن تعهد به لمرضعة، لأن المرضعة قد تؤذيه بالقسوة أو الإهمال،