أو قد تظفر منه-بفضل عنايتها الصادقة به-بتلك المحبة التي يجب بالطبيعة أن توجه للأم باعتبارها أول مصدر ورباط لوحة الأسرة والنظام الأخلاقي. وهنا ساق روسو عبارات كان لها تأثير جدير بالإعجاب على الأمهات الشابات في الجيل الجديد:
"أتريدون أن تردوا الناس جميعاً إلى واجباتهم الفطرية؟ ابدؤوا بالأم إذن، وسوف تدهشكم النتائج. فكل الشرور تأتي في أعقاب هذه الخطيئة الأولى … والأم التي يغيب أطفالها عن بصرها لا تكتسب الاحترام الكثير، فليس هنا حياة أسرية، وروابط الطبقة لا تتقوى بروابط العادة، وليس هناك وجود بعد للآباء والأمهات والأخوة والأخوات. فهم أغراب تقريباُ، فكيف يحب بعضهم بعضاً؟ إن كلاً منهم يفكر في نفسه.
"أما إذا تنازلت الأمهات بإرضاع أطفالهن، فسيكون هناك إصلاح في الخلق سينتعش الشعور الفطري في كل قلب، ولن تشكو الدولة فقراً في عدد المواطنين. وهذه الخطوة الأولى وحدها ستعيد المحبة المتبادلة ومباهج البيت خير ترياق للرذيلة. عندها يغدو لعب الأطفال الصاخب متعة بعد أن كنا نحسبه شديد الإرهاق لنا، ويزداد إعزاز الأم والأب بعضهما لبعض ويقوى رباط الزواج … وهكذا يأتي الشفاء من هذا الشر الواحد بإصلاح شامل، فتستعيد الطبيعة حقوقها. وإذا أصبحت النساء أمهات صالحات أصبح الرجال أزواجاً وآباء صالحين (٤٣).
هذه الفقرات المأثورة جعلت إرضاع الأمهات لأطفالهن شطراً من تغير العادات الذي بدأ في العقد الأخير من حكم لويس الخامس عشر. وكان بوفون قد أذاع مثل هذا النداء في العقد السابع ولكنه لم يصل إلى نساء فرنسا. وبدأ الآن ظهور أجمل الصدور في باريس أعضاء للأمومة فضلاً عن كونها مفاتن جسمية ساحرة.
وقسم روسو حياة تلميذه التعليمية إلى ثلاث فترات، اثنتي عشرة سنة طفولة، وثماني سنوات صبى، وعمر غير محدود للإعداد للزواج والأبوة، وللحياة