للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاقتصادية والاجتماعية. ففي الفترة الأولى يكون التعليم كله تقريباً بدنياً وخلقياً، وعلى الكتب والتعلم من الكتب، وحتى الديانة أن تنتظر نمو العقل، فإلى أن يبلغ إميل الثانية عشرة لن يعرف كلمة في التاريخ، ولا يكاد يسمع ذكر الله (٤٤). فتربية الجسم يجب أن يشرع فيها أولاً. ومن ثم يربى إميل في الريف لأنه المكان الوحيد الذي يمكن أن تكون الحياة فيه صحية طبيعية:

ولم يخلق البشر ليتكدسوا في كثبان نمل، بل لينتشروا على الأرض ليفلحوها. وكلما حشدوا معاً فسدوا. والمرض والرذيلة هما النتيجتان المحتومتان للمدن المكتظة .. فأنفاس الإنسان تفتك بإخوانه البشر … والإنسان تفترسه مدننا، ولن تنقضي أجيال قليلة حتى ينقرض النوع الإنساني أو ينحط. فهو في حاجة إلى التجديد، وتجديده يكون دائماً من الريف. فأرسلوا أطفالكم إلى الخلاء ليجدوا أنفسهم. أرسلوهم ليستعيدوا في الحقل المكشوف تلك العافية التي فقدوها في الهواء الفاسد الذي يملأ مدننا المزدحمة (٤٥).

وشجعوا الصبي على حب الطبيعة والخلاء، وعلى تربية عادات البساطة وعلى العيش على الأطعمة الطبيعية. وأي طعام ألذ من ذلك الذي زرعه المرء في حديقته؟ أن الغذاء النباتي أصح الأغذية ومن شأنه أن يقلل كثيراً من الأمراض والعلل (٤٦).

إن عدم اكتراث الأطفال باللحم من الأدلة على أن الميل لأكل اللحم غير طبيعي. وهم يؤثرون الأطعمة النباتية واللبن والفاكهة الخ .. فحذار أن تغيروا هذا الميل الفطري وتجعلوا أطفالكم أكلة للحوم. افعلوا هذا من أجل أخلاقهم إن لم تفعلوه من أجل صحته، إذ كيف نعلل أن كبار أكلة اللحوم هم في العادة أشد ضراوة وقسوة من غيرهم من البشر (٤٧).

وبعد الغذاء الصحيح، والعادات الطيبة يعلم إميل البكور في الاستيقاظ. "رأينا الشمس تشرق في منتصف الصيف وسنراها تشرق في عيد الميلاد ..