لستا تؤومي الضحى، فنحن نلتذ بالبرد (٤٨). وإميل يكثر من الاستحمام وكلما اشتد عوده قلل من حرارة الماء إلى أن يستحم أخيراً بالماء البارد، بل المثلج، صيف شتاء. وتفادياً للخطر يكون هذا التغير بطيئاً، تدريجياً، غير محسوس (٤٩). ونادراً ما يلبس على رأسه أي غطاء، وهو يمشي حافياً طوال السنة إلا إذا خرج من بيته وحديقته. "يجب أن يعود الأطفال على البرد لا على الحر، فالبرد الشديد لا يضرهم إطلاقاً إذا تعرضوا له في بواكير حياتهم"(٥٠). وشجعوا محبة الطفل الطبيعية للنشاط والحركة "فلا تتركوه على السكون إن أراد الجري، ولا على الجري إن أراد القعود … فليجر، وليقفز، وليزعق ما شاء (٥١). وابعدوا عنه الأطباء ما استطعتم (٥٢). ودعوه يتعلم بالممارسة لا بالكتب ولا حتى بالتعليم. والمعلم الذكي يرتب المسائل والواجبات، ويدع تلميذه يتعلم من ضربة تصيب إبهامه أو صدمة تصيب قدمه، وهو يحميه من الأذى البالغ لا من الآلام التي تربيه.
إن الطبيعة خير هادٍ، ويجب أن تتبع في أمر الأذى الذي نعرفه في هذه الحياة:
"فلتكن قاعدتنا التي لا نزاع عليها أن الدوافع الأولى للطبيعة صواب دائماً. ليس في القلب البشري خطيئة أصلية .. فلا تعاقب تلميذك أبداً، لأنه لا يعرف معنى الخطأ. ولا تجعله يقول "سامحني" … فهو في أفعاله التي لا صبغة أخلاقية لها لا يمكن أن يأتي خطأ من الناحية الأخلاقية، ولا يستحق عقاباً ولا تقريعاً … فابدأ بترك بذرة شخصيته حرة في الإفصاح عن نفسها، ولا تقسره على شيء، وبهذا يتكشف لك على حقيقته (٥٣)".
على أنه سيحتاج إلى التربية الخلقية، فبغيرها يصبح إنساناً خطراً تعساً. ولكن لا تعظه. فأن أردت لتلميذك أن يتعلم العدل والرحمة كن أنت عادلاً رحيماً فليقلدك. "القدوة القدوة! فبدونها لن تنجح في تعليم أي شيء للأطفال (٥٤) ". وهنا أيضاً قد تجد أساساً طبيعياً. فالخير والشر (من وجهة نظر المجتمع) كلاهما فطري في الإنسان، وعلى التربية أن تشجع الخير