أبداً إلا في الأمومة. ولقد بز أتباع ليوناردو على بكرة أبيهم في إدراكه رقة أستاذه النسوية، وما في ابتسامة ليوناردو من حنان - لا غموض؛ وليست صورة الأسرة المقدسة التي في الأمبروازيانا في ميلان إلا نسخة أخرى لطيفة من صورة العذراء والطفل والقديسة آن التي رسمها المعلم نفسه، وكذلك جمعت صورة الاسبوز اليدسيو Sposalizio الموجودة في ساروني Saronne جميع ماصوره كريجيو من رشاقة. ويبدو أنه لم يكن يشك قط، كما يشك ليوناردو. في القصة المؤثرة، قصة الفتاة الفلاحة التي حملت بالإله؛ وقد رقق الخطوط والألوان في صوره بما وهب من التقوى الساذجة التي قلما كان يشعر بها ليوناردو أو يمثلها؛ وإن الرجل المتشكك الغير راضي عن تشككه الذي يسعه رغم هذا أن يعظم الأسطورة الجميلة الملهمة، ليقف أمام صورتي نوم الطفل الرضيع يسوع، وعبادة المجوس أطول مما يقف أمام صورة القديس يوحنا لليوناردو، كما أنه يجد فيهما من الإشباع والصدق أعمق مما يجده في صور ليوناردو.
وانقضى عصر ميلان العظيم بانقضاء هؤلاء الفنانين الظرفاء، وقلما كان المهندسون، والمصورون، والمثالون، والشعراء، الذين خلعوا على بلاط لدوفيكو صورة ذات روعة وبهاء منقطعتي النظير، قلما كان هؤلاء من أبناء ميلان نفسها، وقد بحث كثيرون منهم عن مراع أخرى لهم لما سقط الحاكم المطلق الرقيق. ولم يبرز في الفوضى والذلى اللتين أعقبتا ذلك العصر فنان ذو شأن يحل محلهم، وكان القصر والكنيسة وحدهما هما اللذين يذكران الإنسان بعد جيل من ذلك الوقت بأن ميلان ظلت عشر سنين عظيمة - هي العشر السنوات الأخيرة في القرن الخامس عشر - تتزعم موكب الحضارة في إيطاليا.