أحدنا على مكنسة .... خلال مدخنة (٢٣)"أن من يؤمنون بهذا أحوج ما يكونون إلى الدواء والعلاج، لا الموت، حتى إذا ما انتهى كل شيء، فما هي إلا مغالاة في قدرة المرء على الحكم عن طريق الحدس والتخمين مما يؤدي إلى إحراق المرء حياً"(٢٤). وهاجم كورنليوس لوس، الأستاذ الكاثوليكي في ماينز، مطاردة السحرة في كتابه "بين السحر الحقيقي والزائف"(١٥٩٢)، ولكنه قبل أن يتمكن من نشره، أودع السجن واضطر أن يعترف علناً بأخطائه (٢٥). وثمة جزويتي آخر، هو الشاعر الورع فردريك فون سبي، فإنه بعد أن عمل كاهن اعتراف لمائتي شخص متهمين بالسحر. استنكر الاضطهاد في كتاب جريء " Cautio Criminalis". (١٦٣١) ، سلم فيه بوجود السحرة، ولكنه رثى للقبض عليهم لمجرد شبهات لا أساس لها، ولبعد المحاكمات عن شرعة الإنصاف، وللتعذيب الغاشم الذي كان يمكن أن يجبر، حتى فقهاء الكنيسة وأساقفتها على الاعتراف بأي شيء (٢٦).
ولكل خصم من هذا القبيل اثني عشر محامياً ينبرون للدفاع عن الظلم، فإن رجال اللاهوت البروتستانت مثل توماس أراستوس في ١٥٧٢، ورجال اللاهوت الكاثوليك مثل الأسقف بنزفلد (١٥٨٩) اتفقوا على أن السحر حقيقي وأن السحرة يجب إحراقهم. وأقر الأسقف التعذيب، ولكنه أوصى بشنق السحرة التائبين قبل إحراقهم (٢٧). وأيد المحامي والفيلسوف الكاثوليكي جين بودين الاضطهاد والتعذيب في كتابه "حمى العفاريت" ١٥٨٠، وبعد عام واحد ترجم الشاعر البروتستانتي يوهان فسكارت هذا الكتاب ووسع فيه مع تقدير بالغ له، وانضم إلى بودين في الحث على أخذ السحرة بشدة لا ترحم ولا تلين.
ومهما يكن من أمر فإن هذه الحمى خفت حدتها، فعندما أصبحت حرب الثلاثين حرباً سياسية بشكل صريح سافر، لم يعد الدين يحتل مكاناً هاماً في كراهيات الناس وحزازاتهم. وانتشرت الطباعة وكثرت الكتب، ونهضت