أن تتحد لتستطيع الوقوف في وجه تيار الغزو الأسيوي الجارف، ولكن نداءه كان صرخة في واد. وحاول أنوسنت الثالث أن يدعو المغول إلى المسيحية والى السلام، ولكن دعوته هو الآخر ذهبت أدراج الرياح؛ وكان الذي أنجى المسيحية وأوربا هو موت أجادي وعودة باتو إلى قوقورم للاشتراك في انتخاب خان جديد. ولم يحدث في التاريخ كله تخريب أشمل من هذا التخريب أو أوسع فقد امتد من المحيط الهادي إلى البحرين الأدرياوي والبلطي.
وعاد بيلا الرابع إلى بست المخربة وعمرها بالألمان، ونقل عاصمة ملكه إلى بودا Buda على الضفة الأخرى من الدانوب (١٢٤٧)؛ وأعاد على مهل اقتصاديات بلاده المحطمة. وقامت طبقة جديدة من الأشراف فأعادت تنظيم المراعي والضياع الكبرى التي كان الرعاة الفلاحون الأذلاء ينتجون منها الطعام للأمة. وهبط عمال المناجم الألمان من أرزجيرج واستخرجوا المعادن الخام الغنية من ترنسلفانيا Transylvania. وكانت حياة الأهلين وعاداتهم لا تزال خشنة غليظة، وأدوات العمل بدائية، والبيوت أكواخاً من الأغصان والطين. وقام الرجال في هذه البيئة التي تضطرب فيها الأجناس واللغات، وينقسم فيها الأهلون إلى طبقات ومذاهب دينية متنابذة متعادية، قام الرجال في هذه البيئة يعملون لتحصيل أرزاقهم ومكاسبهم، ووصل أسباب الاقتصاد الذي هو منبت الحضارة.