الأحايين، وذهب سويفت إلى أن "المستأجرين الإيرلنديين يعيشون حياة أسوأ من حياة المتسولين الإنجليز (٥٤) ". وأما الملاك الذين ظلوا يقطنون إيرلندة، ووكلاء الملاك الغائبين، فكانوا يستعينون على همجية بيئتهم وعدائها بحفلات الطعام والشراب الصاخبة المخمورة، والضيافة المسرفية، والشجار والمبارزة، والمقامرة على رهانات كبيرة.
ولما كان للبرلمان البريطاني مطلق السلطان على إيرلندة، فإنه خنق أي صناعة تنافس إنجلترا. وقد رأينا في غير هذا الموضع كيف قضي قانون صدر في ١٦٩٩ على الصناعات الصوفية الوليدة بحظره تصدير الأصواف الإيرلندية إلى أي بلد كائناً ما كان. وبالمثل خنقت القوانين الإنجليزية بغير رحمة كل ما احتفظت به إيرلندة من تجارة خارجية وسط زعازع السياسة وخراب الحروب. فأثقلت الصادرات الإيرلندية برسوم التصدير التي عزلتها عن جميع الأسواق تقريباً إلا إنجلترا (٥٥)، وكان كثير من الإيرلنديين يعيشون على تربية الماشية وتصديرها لإنجلترا، ولكن قوانين ١٦٦٥ و١٦٨٠ حظرت استيراد إنجلترا لماشية إيرلندة أو أغنامها أو خنازيرها، أو لحم البقر أو الضأن أو الخنزير، حتى الزبد أو الجبن. وكانت إيرلندة تصدر حاصلاتها للمستعمرات الإنجليزية، فاشترط قانون صدر في ١٦٦٣ ألا تستورد سلع أوربية للمستعمرات الإنجليزية، باستثناءات قليلة، إلا من إنجلترا، في مراكب إنجليزية، بحارتها إنجليز. وماتت البحرية التجارية الإيرلندية. يقول سويفت "إن مزايا الموانئ والمرافئ التي سخت بها الطبيعة على هذه المملكة، ليست أكثر فائدة لنا من حلم جميل يراود رجلاً حبس في زنزانة (٥٦) ".
وأرهقت القوانين التي شرعتها إنجلترا لرعاياها الإيرلنديين البروتستنت كما أرهقت الكاثوليك؛ وفي مناسبة مشهودة انضموا إلى الكاثوليك في التمرد على الحكم البريطاني. وكان تصدير مال الإيجارات للملاك الغائبين عن إيرلندة قد خلق عجزاً في العملة المعدنية بإيرلندة في ١٧٢٢. وعرض ولبول تخفيف هذا العجز بإصدار عملة نحاسية. وكانت الخطة معقولة، ولكن لوثها الفساد المألوف، فقد مُنِحت دوقة كندال امتياز سك النقود الجديدة، فباعته لوليم وود صاحب مصانع الحديد نظير ١٠. ٠٠٠ جنيه؛ ولكي يجمع وليم هذا المبلغ مضافاً إليه ربحه