اقترح أن يسك ١٠٠. ٨٠٠ جنيه أنصاف بنسات أو أرباعها. ولما كانت جملة عملة إيرلندة المعدنية آنئذ لا تتجاوز ٤٠٠. ٠٠٠ جنيه، فقد احتج الإيرلنديون بأن سيكون ضرورياً استعمال النقود النحاسية في المدفوعات وفي الصرافة، ودفع الحسابات الأجنبية بما فيها إيجارات الملاك الغائبين بالفضة أو العملة الورقية، وأن العملات الأرخص ستحمل الناس على اختزان العملات الأفضل أو تصديرها، وأنه لن يكون في إيرلندة عمل قليل عملة غير النقود النحاسية المزعجة. ورغبة في علاج هذه الشكاوي وافقت الحكومة البريطانية على خفض الإصدار الجديد إلى ٤٠. ٠٠٠ جنيه وقدمت تقريراً من إسحاق نيوتن، مدير دار سك النقود، يقرر أن أنصاف بنسات وود وافية من حيث محتواها المعدني بشروط الامتياز، وأنها أفضل كثيراً من العملات الموروثة عن العهود السابقة.
عند هذا المنعطف دخل الجدل جوناثان سويفت، الناظر الأنجليكاني لكاتدرائية القديس باتريك بدبلن، بنشره سلسلة من الرسائل تحت اسم مستعار هو م. ب. درابير، هاجم فيها العملة الجديدة بكل ما في روحه من عنف وما في جعبته من هجو، لأنها محاولة لغش الشعب الإيرلندي. وزعم أن العملة التي أرسلت إلى نيوتن لاختبارها سكت خصيصاً لهذا الغرض، وأن الكثرة الغالبة من أنصاف بنسات وود تساوي أقل كثيراً من قيمتها الاسمية؛ والواقع أن بعض الاقتصاديين أيدوا دعواه بأن قدروا أن إيرلندة ستخسر ٦٠. ٤٨٠ جنيهاً بالإصدار الذي اقترح أولاً (٥٧). وفي الرسالة الرابعة انتقل سويفت إلى اتهام قوي للحكم الإنجليزي كله في إيرلندة، ووضع هذا المبدأ "إن كل حكم بغير رضي المحكومين ما هو إلا العبودية بعينها (٥٨) ". واستجاب الارلنديون، بما فيهم أغلبية البروتستنت لهذه النغمة الجريئة في لهفة، وراح الناس يغنون في الشوارع أغاني شعبية تحض على مقاومة إنجلترا. ووجدت الحكومة الإنجليزية نفسها تتقهقر أمام قلم واحد، وهي التي تَحدّت شعباً بأكمله قروناً طوالاً. وقدمت مكافأة من ثلاثمائة جنيه للقبض على الكاتب، ولكن أحداً لم يجرؤ على اتخاذ إجراء ضد الناظر العابس وإن عرفه المئات منهم. كذلك لم يجرؤ أي إيرلندي على أن يواجه غضب الشعب بقبوله العملة الجديدة. وسلم ولبول بالهزيمة، وألغى الإصدار، وعوض