للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البشرية بحجة أن الكتاب لا يصلح إطلاقاً لشاب مسيحي. وكفته سنة واحدة مع أساتذة الكلية؛ وكان أكثر حباً لأمه، فعاد إلى كركلدي، وواصل استغراقه في القراءة. وفي ١٧٤٨ انتقل إلى إدنبرة، حيث حاضر مستقلاً في الأدب والبيان. وقد أعجبت محاضرته بعض ذوي النفوذ، فعين في كرسي المنطق بجامعة جلاسجو (١٧٥١)، وأصبح بعد عام أستاذ الفلسفة الأخلاقية-التي شملت الأخلاق، والقانون، والاقتصاد السياسي. وفي ١٧٥٩ نشر استنتاجاته الأخلاقية في كتابه "نظرية العواطف الأخلاقية"، الذي حكم الكل بأنه "أهم كتاب كتب في هذا الموضوع الشائق" (٤٠) متجاهلاً في هذا الحكم أرسطو وسبينوزا.

وقد استخلص سمث أحكامنا الأخلاقية من ميلنا التلقائي لتخيل أنفسنا في نوقف الغير؛ فنحن بهذا نردد أصداء عواطفهم، وبهذا التعاطف، أو المشاركة الوجدانية، نحمل على الاستحسان أو الاستهجان (٤١). والحس الأخلاقي متأصل في غرائزنا الاجتماعية، أو في العادات العقلية التي نتخذها بوصفنا أفراداً في المجتمع، ولكنه لا يتعارض مع محبة الذات. وقمة التطور الأخلاقي للإنسان يبلغها حين يتعلم لأن يحكم على نفسه كما يحكم على الآخرين، "وأن يسوس نفسه طبقاً للمبادئ الموضوعية-مبادئ الإنصاف، والقانون الطبيعي، والحكمة، والعدالة" (٤٢). والدين ليس المصدر ولا الركيزة لعواطفنا الأخلاقية، ولكن هذه العواطف تتأثر تأثراً قوياً بالإيمان بانبعاث الناموس الأخلاقي من إله في يده الثواب والعقاب (٤٣).

وفي ١٧٦٤ عين سمث-الذي بلغ الآن الحادية والأربعين-معلماً خاصاً ومرشداً يرافق الدوق بكليوتمش البالغ ثمانية عشر ربيعاً في سياحة في أوربا. وقد أتاح له الأجر الذي كان يتقاضاه في هذه المهمة-وهو ٣٠٠ جنيه في العام-الاطمئنان والفراغ اللذان أعاناه على تأليف رائعته التي بدأ كتابتها خلال إقامته في تولوز ثمانية عشر شهراً. وقد زار فولتير في فرنيه، والتقى في باريس بهلفتيوس ودالمبير وكرتيه وطورجو. فلما عاد إلى إسكتلندة عام ١٧٦٦ عاش السنوات العشر التالية قانعاً مع أمه في كركلدي عاكفا