بعد ذلك. وقبلت ترنسلفانيا السيادة التركية طواعية واختياراً، كذلك عقدت فارس الصلح (١٦١١)، وأعطت تركيا مليون رطل من الحرير، تعويضاً عن الحرب. وتميز هذا العهد في جملته بالتوفيق والسلامة لولا ما شابه من استمرار الانكشارية في تمردهم. وكان السلطان أحمد رجلاً تقياً حسن النية، وبذل للجهد، ولكنه أخفق في القضاء على قتل الأخوة اخوتهم في الأسرة المالكة.
وأقترح عثمان الثاني (١٦١٧ - ١٦٢٢) تنظيم الانكشارية والإصلاح من شأنهم، ولكنهم اعترضوا وقتلوه، وأجبروا أخاه الأبله المعتوه مصطفى الأول على اعتلاء العرش، ولكن مصطفى أوتي من رجاحة العقل ما جعله يتخلى عنه (١٦٢٣) لبن أخيه مراد الرابع البالغ من العمر اثني عشر عاماً (١٦٢٣ - ١٦٤٠). واختار الانكشارية كبار الوزراء، وكانوا يذبحونهم كلما لاح لهم أنه قد آن الأوان لإحداث تغيير. واقتحموا القصر الملكي وأجبروا السلطانة قسيم على أن تفتح لهم أقبية الكنوز استرضاءً لهم. وفي ١٦٣١ عادوا إلى القصر ثانية، وتعقبوا السلطان الشاب إلى جناحه الخاص وطالبوا برؤوس سبعة عشر موظفاً. وقدم أحدهم-حافظ-نفسه للجماعة، فداء للباقين، فمزقوه إرباً، وقابلهم مراد، وهو لا يزال بعد غض الإهاب، بما بدا أنه تهديد هين لين:"إني لأرجو أن يمدني الله بعون من عنده: يا رجال الدم، يا من لا تخشون الله، ولا تستشعرون الخجل أمام رسوله، سيحل عليكم أشد الانتقام (٢٠) "وانتهز الفرصة الملائمة ليشكل قوة موالية له، ودبر قتل الواحد تلو الأخر من زعماء التمرد. وسحقت محاولات أخرى للثورة والعصيان، بقسوة شديدة. وفي بعض الأحيان، شارك السلطان بنفسه، مثل- بطرس الأكبر- في تنفيذ أحكام الإعدام. وقتل كل أخوته فيما خلا واحداً ظنه أبله لا يخشى منه شيء. وفي نشوة سلطته الملكية فرض عقوبة إعدام على تناول التبغ أو القهوة، والأفيون أو الخمر. وقيل أن جملة من أعدموا في عهده مائة ألف شخص، باستثناء من لقوا حتفهم في