سبتمبر ١٧٥٨، وأرسله إلى ناشر في هولندا، وظهر في فبراير ١٧٦١ باسم "جولي أو هلويز الجديدة، رسائل عاشقين جمعها ونشرها ج. ج روسو". وصياغة الرواية في شكل رسائل كانت عادة قديمة، ولكن لعل الذي دعا روسو إلى التصميم عليها هو محاكاته رواية رتشاردسن "كلاريسا".
والقصة بعيد الاحتمال ولكنها نسيج وحدها. فجولي هي ابنة بارون ديتانج، وهي في السابعة عشرة أو نحوها. وتدعو أمها الشاب الوسيم سام-برو ليكون معلمها الخاص. ويقع أبيلار الجديد هذا في غرام هلويز الجديدة، كما كان يمكن أن تتوقعه أي أم في دنيا الواقع. ولا يلبث أن يرسل إلى تلميذته رسائل حب حددت اللحن لقرن من القصص الرومانسي:
"إني لأرتعد كلما تصافحت أيدينا، ولا أدري كيف يحدث هذا، ولكنها تتصافح دوماً. وإني أجفل حالما أحس لمسة إصبعك، وتأخذني حمى أو قولي حمى مصحوبة بهذيان بهذه المتع؛ وتتخلى عني حواسي شيئاً فشيئاً، فإذا خرجت هكذا عن طوري فماذا أستطيع أن أقول، أو أفعل، وأين أختبئ، وكيف أكون مسئولاً عن سلوكي؟ "(٥٦) ثم يقترح أن يرحل ولكنه يكتفي بالكلام دون الفعل:
"وداعاً إذن يا جولي المفرطة الفتنة … غداً سأكون رحلت إلى الأبد. ولكن ثقي أن غرامي العنيف الطاهر بكي لن ينتهي إلا بانتهاء حياتي، وأن قلبي المفعم بهذا المخلوق الملائكي، لن يهبط بنفسه إلى إفساح مكان فيه لحب ثانِ، وأنه سيوزع كل ولائه المستقبل بينك وبين العفة، وأنه لن يدنس لهيب آخر المذبح الذي عبدت عليه جولي (٥٧).
وقد تبتسم جولي لهذا التعبد، ولكن فيها من الأنوثة ما يمنعها من إقصاء مثل هذا الكائن المبهج عن المديح. فتطلب إليه أن يؤجل قراره. فالاتصال الكهربائي بين الذكر والأنثى قد احدث بها على أي حال اضطراباً مماثلاً، وسرعان ما تعترف بأنها هي أيضاً قد أحست باللدغة الغامضة: "منذ أول يوم التقينا فيه تشربت السم الذي يسري الآن في حواسي