ووصل إلى النرويج ولعله وصل أيضاً إلى الدائرة القطبية الشمالية (٣١). ولم يكتفِ أرتسثنيز بوصف تضاريس كل إقليم ومظاهره الطبيعية، بل حاول أيضاً أن يفسرها بفعل المياه الجارية، والنيران والزلازل والثورات البركانية (٣٢). وطلب إلى اليونان أن يتخلوا عن تقسيمهم الضيق لبني الإنسان إلى هلنيين وبرابرة، وأعلن أن الناس يجب أن يقسموا أفراداً لا أقواماً؛ وقال إنه يرى أن كثيرين من اليونان سفلة أنذال، وأن كثيرين من الفرس والهنود قوم ظرفاء؛ وأن الرومان قد أظهروا أنهم أكثر استعداداً من اليونان للنظام الاجتماعي والحكم الصالح القدير (٣٣). ولم يكن يعرف إلا القليل عن شمالي أوربا وآسية، وكان علمه بالهند الممتدة جنوب نهر الكنج أقل من هذا القليل. أما شمال أفريقية فلم يكن يعرف عنه شيئاً على الإطلاق. ولكنه كان على ما وصل إليه علمنا أول عالم جغرافي ذكر الصينيين في كتبهِ. وقد ورد في فقرة أخرى من هذه الكتب عظيمة الدلالة: "لو أن اتساع المحيط الأطلنطي لم يقم عقبة في سبيلنا لكان من السهل علينا أن ننتقل بطريق البحر من إيبيريا Iberia (أسبانيا) إلى الهند متتبعين دائرة واحدة من دوائر العرض (٣٤) ".