للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاطلاع، في فروع من العلم متعددة، ويمتاز بغزارة علمه في عدد كبير من الميادين، وكان ثاني المتفوقين فيها جميعاً، ومن أجل ذلك لقب بنتاثلوس وبيتا Pentathlos and Beta. وتقول الرواية المأثورة إن ارتسثنيز تلقى العلم على معلمين أفذاذ: زينون الرواقي، وأرسلوس المتشكك، وكلمخوس الشاعر، وليسنياس النحوي. وقبل أن يبلغ الأربعين من عمره ذاعت شهرته في كثير من فروع العلم المختلفة حتى جعله بطليموس الثالث أمين مكتبة الإسكندرية. وكتب ديوان شعر وتاريخاً للمسلاة، وحاول في كتاب الكرونوغرافيا Chronography أن يحدد أوقات الحادثات الكبرى في تاريخ بلاد البحر الأبيض المتوسط. وقد كتب أيضاً رسائل في الرياضيات واخترع طريقة آلية لإيجاد نسب وسطى متناسبة تناسباً مطرداً بين خطين مستقيمين. وقاس ميل مستوى الفلك وحدد هذا الميل ب ٥١ ٢٣ ْ فلم يخطئ إلا في نصف في المائة. لكن أعظم أعماله هو تقديره طول محيط الأرض ب ٢٤. ٦٦٢ ميلاً (٣٠)، ونحن نقدره الآن ب ٢٤. ٨٤٧. فقد لاحظ في ظهر يوم الانقلاب الصيفي أن الشمس عند مدينة سييني (١) تسطع عمودية على سطح جدار ضيق، ثم عرف أن ظل مسلة في الإسكندرية التي تبعد عن سييني إلى الشمال بنحو خمسمائة ميل يدل على أن الشمس تميل عن سمت الرأس بنحو ١٢ ٧ ْ إذا قيست وقت الزوال على خط الطول الذي يصل بين البلدين، فاستنتج من هذا أن القوس الذي يبلغ ١٢ ٧ ْ على محيط الأرض يساوي خمسمائة ميل، وأن محيط الأرض بهذه النسبة =٣٦٠ ÷ ٧. ٥ × ٥٠٠ أو ٢٤. ٠٠٠ ميل.

وبعد أن قاس إرتسثنيز الأرض انتقل إلى وصفها فجمع في كتابهِ الجغرافيكا Geographica تقريرات جميع علماء المساحة في الإسكندرية، والرحالة البريين أمثال Megasthenes والبحريين أمثال نيارخوس، والرواد أمثال بيثياس المساليائي Pythias of Massalia، الذي طاف حول اسكتلندة في عام ٣٢٠،


(١) وموقعها قرب موقع مدينة أسوان الحالية. (المترجم)