يحدث في أي مكان في العالم المسيحي المعاصر - حتى في أسبانيا - أن أحرق هذا العدد الكبير من الرجال والنساء بسبب آرائهم كما حدث في عهد تولى ريجينالد بول رئاسة الكنيسة الإنجليزية.
وفي وسعنا أن نقول كلمة رقيقة عن ماري. فقد أدى الحزن والمرض وكثير مما تعرضت له من أخطاء إلى انحراف عقلها. ولم تتحول من الحلم إلى القسوة إلا بعد مؤامرات كانت تستهدف حرمانها من التاج الذي تضعه على رأسها وأصاخت السمع في ثقة زائدة لرجال الدين الذين سعوا إلى الانتقام بعد أن تعرضوا هم أنفسهم للاضطهاد. وكانت تعتقد حتى آخر لحظة في حياتها أنها بالقتل إما تؤدى فرائضها نحو العقيدة التي أحبتها كمجال حيوي لبقائها. وهي لا تستحق اسم "ماري الدموية" ما لم تسحب تلك الصفة على عصرها بأسره، فهو يهون بلا رحمة من شأن شخصية فيها الكثير من الصفات التي تستحق الحب.
وإن امتيازها العجيب إنما هو استمرارها في العمل الذي بدأه والدها لإبعاد إنجلترا عن روما. وأظهرت لإنجلترا، ولما تزل كاثوليكية، أسوأ جانب للكنيسة التي خدمتها، ولما ماتت كانت إنجلترا مهيأة أكثر من ذي قبل لاعتناق العقيدة الجديدة التي جاهدت للقضاء عليها.