حتى كان هو وملانكتون يرثيان ما أصاب الجامعات الألمانية من تدهور وانحلال (٦). ففي إرفورت هبط عدد الملتحقين بالجامعة من ٣١١ في عام ١٥٢٠ إلى ١٢٠ في عام ١٥٢١، وإلى ٣٤ في عام ١٥٢٤، وفي روستوك هبط العدد من ٣٠٠ في عام ١٥١٧ إلى ١٥ في عام ١٥٢٥، وفي هيلدبرج كان في ذلك العام من الأساتذة عدد أكثر ممن كان فيها من الطلاب. وفي ١٥٢٦ لم يلتحق بجامعة بال سوى خمسة طلاب (٧).
وجاهد لوثر وملانكتون لإصلاح ما فسد. فناشر لوثر في "رسالته إلى العمد"(١٥٢٤) السلطات الزمنية أن تنشئ المدارس. وفي عام ١٥٣٠ تخطى زمانه بكثير فاقترح أن يقرر التعليم الأولي إجبارياً وأن يوفر للأطفال على حساب الدولة (٨). أما الجامعات التي أعيد تأسيسها تدريجياً تحت الرعاية البروتستنتية فقد أوصي ببرنامج دراسة لها يتركز حول الكتاب المقدس، ولكنه يحوي أيضاً تعليم اللاتينية واليونانية والعبرية والألمانية والقانون والطب والتاريخ و "الشعراء والخطباء … الوثنيين منهم أو المسيحيين (٩) ". أما ملانكتون فقد جعل من إحياء التعليم مهمته الأولى، ففتح الكثير من المدارس تحت قيادته وبتشجيعه. وما وافت نهاية القرن السادس عشر حتى أصبح في ألمانيا ٣٠٠ مدرسة. ثم وضع "خطة مدرسية"(١٥٢٧) لتنظيم المدارس والجامعات، وألف كتباً مدرسية في النحو اللاتيني واليوناني، وفي البيان والمنطق وعلم النفس والأخلاق واللاهوت. ودرب آلاف الطلاب على الاضطلاع بالتعليم في المعاهد الجديدة. وقد لقبه وطنه بمعلم ألمانيا اعترافاً بجميله. وانتقلت جامعات شمالي ألمانيا الواحدة تلو الأخرى إلى أيد بروتستنتية: فتنبرج (١٥٢٢)، وماربورج (١٥٢٧)، وتوبنجن (١٥٣٥)، وليبزج (١٥٣٩) وكونجزبرج (١٥٥٨). وطرد الأساتذة أو الطلاب المعارضون "للعقيدة الإنجيلية الصادقة الصحيحة" كما قال أولريش دوق فورتمبرج. ومنع الكالفنيون من دخول الكليات اللوثرية، والبروتستنت من دخول الجامعات التي لم تزل في أيدي الكاثوليك. ويمكن القول بصفة