للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنيف (١٥٥٢) وهناك أمام اللثام سنة وفاته (١٥٥٩) عن ميوله البروتستنتية بنشره طبعة من "مبادئ كالفن". واحتفظ ابنه هنري إتيين الثاني بسمعة الأسرة إذ أصدر في باريس طبعات جميلة من الآداب القديمة، وصنف معجماً للغة اليونانية (١٥٧٢) في خمسة مجلدات لا تزال إلى يومنا أكمل المعاجم اليونانية قاطبة. غير أنه أثار حقد السوربون عليه بنشره كتاباً سماه "دفاع عن هيردوت" (١٥٦٦) أشار فيه إلى النظائر من المعجزات المسيحية والعجائب الغريبة التي رواها المؤرخ اليوناني ولجأ هو الآخر إلى جنيف، ولكنه وجد نظام الحكم الكالفني لا يقل تعصباً عن السوربون.

وكثير من مطبوعات هذا النصر نماذج تحتذي في الطبع والحفر والتجليد، فقد حل محل الأغلفة نصف المعدنية، الثقيلة، الشائعة في القرن الخامس عشر، أغلفة خف وزناً وأرخص ثمناً مصنوعة من الجلد أو الورق المتين أو الرق. ومن أمثلة هذا التقدم أن جان جرولييه دسيرفيير، وزير مالية فرنسا في ١٥٣٤، كلف المجلدين بتجليد كتبه البالغ عددها ٣. ٠٠٠ بجلد الماعز المشرقي تجليداً بلغ من الأناقة حداً يضعها في صف أجمل الكتب إطلاقاً. وغدت المكتبات الخاصة الآن لا حصر لها، وفتحت المكتبات العامة في كثير من المدن-مثل كركاو (١٥١٧)، وهامبورج (١٥٢٩)، ونورمبرج (١٥٣٨)، وفي عهد فرانسوا الأول نقلت المكتبة الملكية القديمة التي جمعها شارل الثامن من اللوفر إلى فونتنبلو، وأثرتها مجموعات جديدة من الكتب وأغلفة فاخرة، وأصبحت هذه "المكتبة الملكية" بعد الثورة الفرنسية "المكتبة الأهلية". وقد دمر كثير من المكتبات الديرية في حركة الإصلاح البروتستنتي، ولكن الكثير منها انتقل إلى أيدي الأفراد ووجد كل ثمين فيها طريقه إلى دور الكتب العامة. لقد ضاع في التاريخ الكثير، ولكن احتفظ بالكثير جداً مما له قيمته وليس في استطاعة فرد ولو أوتي مائة عمر أن يستوعبه.