الصيت، وكاد أنكسجرس يفقد حياته في أثينة بركليز نفسها، لأنه قال إن الشمس ليست إلهاً وإنما هي كرة من النار لا أكثر. ثم زالت عبادة الشمس شيئاً فشيئاً حتى لم يكد يبقى لها أثر في تاريخ اليونان القديم، وكان القمر أقل من الشمس شأناً، والكواكب والنجوم أقل منه ومنها.
(٢) وكانت الأرض، لا السماء، موطن معظم الآلهة اليونانية. فكانت الأرض نفسها في بادئ الأمر هي الإلهة جي Ge أو جيا Gaea الأم الصابرة السمحة الجزيلة العطاء، التي حملت حين عانقها أورانوس- السماء- فنول المطر. وكان يسكن الأرض نحو ألف إله آخر أقل من جي شأناً، في مائها وفي الهواء المحيط بها: منها أرواح الأشجار المقدسة، وخاصة شجرة البلوط، ومنها النريدات Nereids، والنيادات Naiads، والأوقيانوسيات في الأنهار والبحيرات والبحار، وكانت الآلهة تَتَفَجر من الأرض عيوناً، أو تجري جداول عظيمة مثل الميندر أو الاسبركيوس، وكان للريح آلهة مثل بورياس Boreas، وزفر Zephyr، ونوتس Notus، ويوروس Eurus، وسيدها إيوس؛ وكان من آلهة الأرض بان العظيم، ذوالقرنين، المشقوق القدمين، الشبق، المغذي، البسام، إله الرعاة والقطعان، والغابات والحياة البرية، الكامن فيها، والذي تُسمع صفارته في كل جدول ووادٍ، والذي تبعث صيحته الفزع، في كل قطيع لا يعنى به، والذي يقوم على خدمته جنيات الغاب والحراج، وتلك الجنيات المعروفة بالسليني Sileni وهي مخلوقات نصف جسمها معز ونصفه بشر. وكان في كل مكان في الطبيعة آلهة، وكان الهواء غاصاً بالأرواح الطيبة أو الخبيثة لا تكاد "تجد فيه شقاً فارغاً تستطيع أن تدفع فيه طرف ورقة نبات" كما قال شاعر غير معروف.
(٣) وإذ كانت أعجب قوى الطبيعة وأقواها هي قوة التكاثر، فقد كان