للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزيل مخاوفهم. ولو أن الكنيسة قد اعترفت بأنها تخطيء تارة وتصيب تارة أخرى لفقدوا ثقتهم فيها، ولعلهم كانوا يرتابون المعرفة ويرون أنها الثمرة المرة للشجرة المحرمة تحريماً ينطق بالحكمة، أو السراب الذي يضل الناس ويغويهم ليخرجوا من جنة السذاجة والحياة الخالية من الشك. وهكذا استسلم العقل في العصور الوسطى للإيمان في أغلب الأوقات والحالات، وجعل كل اعتماده على الله وعلى الكنيسة، كما يثق رجل هذه الأيام بالعلم وبالدولة. أنظر إلى قول فليب أغسطس لملاحيه أثناء عاصفة ثارت في منتصف الليل: "إنكم تهلكوا لأن آلافا من الرهبان يقومون من فراشهم في هذه اللحظة، ولن يلبثوا أن يصلوا من أجلكم (٥٥) ". وكان الناس يعتقدون أنهم تسيطر عليهم قوة أعظم مما تستطيع المعرفة البشرية أن تهبهم، وكانوا في العالم المسيحي، كما كانوا في العالم الإسلامي، يسلمون أنفسهم إلى الله، كما كانوا حتى في دنسهم، وعفتهم، وفجورهم يبتهلون إليه أن ينجيهم. لقد كان هذا عصراً ثملاً بنشوة الإيمان بالله.