للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال له: "إنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها" (١٢٣) ووافقته أغلبية الحاضرين على رأيه وأمر المجلس بإلقاء القبض على المسيح.

ويبدو أن نبأ هذا القرار وصل إلى مسامع يسوع، ولعل الذي أوصله إليه بعض أعضاء في السنهدرين نفسه. ففي اليوم الرابع عشر من شهر نيسان العبري (وهو اليوم الثالث من شهر إبريل) من العام الثلاثين في أرجح الأقوال (١) أكل عيسى ورسله عشاء عيد الفصح في دار صديق له في أورشليم، وكانوا ينتظرون أن يُنجّي المعلم نفسه بما له من معجزات؛ لكنه لم يفعل شيئاً من هذا، ورضي بما قُدّر له، ولعله كان يأمل أن يتقبل الله موته على أنه تضحية يكفر بها عن ذنوب شعبه (١٢٤). وقد قيل له إن أحد الاثني عشر كان يأتمر به ليسلمه إلى أعدائه، وفي هذا العشاء الأخير اتهم المسيح علناً يهوذا الإسخريوطي (٢). وقد جرى يسوع على السنن اليهودية فبارك الخمر الذي قدمه للرسل ليشربوه، ثم غنوا جميعاً أغنية هاليل اليهودية (١٢٧). ويقول يوحنا إنه قال لهم "يا أولادي أنا معكم زماناً قليلاً بعد … وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً … لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة … أنا أمضي لأعد لكم مكاناً" (١٢٨).

ويبدو أن من المعقول جداً أن يطلب المسيح إليهم في هذه الساعة الرهيبة أن يكرروا هذا العشاء في مواسم خاصة (كما تتطلب ذلك عادة اليهود)، إحياء لذكراه؛ وليس ببعيد أنه، وهو ذو الإحساس الشرقي المرهف والخيال الشرقي


(١) ولقد طال الجدل حول الزمن الذي امتدت إليه رسالة المسيح، والسنة التي مات فيها ولقد رأينا أن لوقا يحدد تعميد المسيح بعام ٢٨ - ٢٩. أما تاريخ بولس، الذي يعتمد فيه على ما قاله هو نفسه في رسالته إلى أهل غلاطية الإصحاح الأول والثاني، وتواريخ الحكام الرومان الذين تولوا محاكمته، والرواية المأثورة التي تقول إن موته كان في عام ٦٤، كل هذا يتطلب أن يكون اعتناق بولس لدين المسيح في عام ٣١. أنظر الفصل السابع والعشرين.
(٢) لقد قيلت حجج كثيرة في تفنيد قصة يهوذا (١٢٥)، ولكنها حجج لا يقنع بها العقل (١٢٦).