الوثاب، قد سألهم أن يتصوروا أن العيش الذي يأكلونه هو جسمه، وأن الخمر التي يشربونها هي دمه.
ويُقال إن الجماعة الصغيرة اختبأت تلك الليلة في حديقة جتسيماني في خارج أورشليم. وفيها عثرت عليهم سيرة من شرطة الهيكل (١٢٩). وقبضت على يسوع. وسيق أولاً إلى بيت أونياس أحد كبار الكهنة السابقين، ثم نُقل منه إلى بيت قيافا. ويقول مرقس "إن المجلس" ولعل الأصح إن لجنة من أعضاء السنهدرين - اجتمعت في ذلك المكان. وشهد عليه شهود كثيرون، وذكروا بنوع خاص تهديده بتخريب الهيكل. ولما سأله قيافا هل هو "المسيح ابن الله؟ " أجابه كما تقول الرواية "أنا هو"(١٣٠)، واجتمع السنهدرين في صباح اليوم التالي وأثبت عليه جريمة التجديف (وكان عقابها الإعدام في تلك الأيام) وقرر أن يسوقه أمام الحاكم الروماني. وكان قد جاء إلى أورشليم ليرقب الجماهير المختلفة بعيد الفصح.
وكان بيلاطس البنطي رجلاً قاسياً، استدعي إلى روما بعد وقت ما من هذه الحادثة متهماً بابتزاز المال واستخدام القسوة (١٣١)، وعُزل من منصبه. على أنه لم يبدُ له وقتئذ أن هذا الواعظ الوديع الخلق خطر حقيقي على الدولة. وسأل الرجل يسوع سؤالاً يكاد يكون من قبيل المداعبة:"أأنت ملك اليهود؟ " أجاب يسوع، حسب رواية متّى بقوله "نعم" ولا يسع الإنسان إلا أن يشك في هذه التفاصيل التي تناقلها الناس مشافهة في أغلب الظن، ثم دونوها بعد وقوعها بزمن طويل. فإذا أخذنا بهذا النص وجب علينا أن نجزم بأن يسوع كان قد قرر أن يموت، وأن نظرية بولس عن التكفير تجد ما يؤيدها في عمل المسيح نفسه. وينقل يوحنا عن يسوع أنه أضاف إلى جوابه السابق قوله:"لهذا قد وُلدّت أنا … لأشهد للحق". وسأله بيلاطس "ما هو الحق؟ " - وهو سؤال لعل الباعث عليه نزعة الإنجيل الرابع الميتافيزيقية، ولكنه يدل بأجلى بيان على ما هنالك