على جدرانها حوراً على النسيج من أراس وبروكسل، وزودوها بآنية متلألئة من النحاس الأصفر من دينان. وشيدوا كنائس رائعة مثل كنيسة نوتردام دي سالبون في بروكسل، وكنيسة سانت جاك في أنتورب، وأقاموا برج واجهة كاتدرائية أنتورب حجراً حجراً، وبدأوا في تشييد قاعدة البلدية العظيمة في جنت. وأمدوا المصورين بالمال، وجلسوا أمامهم لتصوير أشخاصهم، وتقربوا إلى السموات بفن يقوم على النذور، وسمحوا لنسائهم بقراءة الكتب. وربما كانت نزعتهم الدنيوية، هي التي حفزت فن التصوير الفلمنكي، في الفترة الثانية من ازدهاره، إلى التركيز على الواقعية والمناظر الطبيعية حتى في الصور الدينية، والبحث عن موضوعات جديدة في الدور والحقول.
واستهل ديرك بوتس الاتجاه الواقعي بمبالغات طبيعية عند أصحاب البدع. ولقد جاء إلى بروكسل من مسقط رأسه هارلم، ودرس هناك على يد روجيه فان درويدن، وأقام في لوفين، وصور لكنيسة سانت بيير مجموعة لوحات جدارية هي "العشاء الرباني الأخير"، ومعها لوحة حائطية موضوعها-عيد الفصح في أسرة يهودية-ويبدو أنها توحي بأن العشاء الرباني الأخير، كان احتفالاً بعشيرة يهودية سنَّية، يقوم بها يهود لا يزالون مؤمنين باليهودية. وصور للكنيسة "استشهاد القديس إيرازس" تصويراً حرفياً مذهلاً؛ جلادان يديران دولاباً، يخرج ببطء، أمعاء القديس المتجرد من الثياب. وفي "استشهاد القديس هيبوليتوس، أربعة جياد تساق في أربع اتجاهات تفصل ذراعي الفريسة ورجليها. وفي "قطع رأس الفارس البريء" نجد فاراً اتهمته إمبراطورة فاشلة في حبه انتقاماً منه، بأنه حاول هتك عرضها، فأمرت بقطع رأسه، وفيها انبطحت الجثة الدامية على الأرض، واطمأن الرأس المنفصل في حجر الأرملة، وكان يتفادى عنفه، في الغالب، بإظهار الطمأنينة الراضية عند المحتضر أو الميت- وفي هذه الصور