للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألوان حية، ونجد بين حين وآخر منظراً طبيعياً حسناً أو رسماً منظوراً، بيد أن رسومها المتقنة وشخوصها الجامدة والوجوه التي لا حياة فيها، توحي بأن الزمن ليس حكيماً في انتقائه على الدوام.

وقد يكون هوجوفان درجوز، أخذ نسبته من جوز في زيلندة، وهو شاهد آخر على عبقرية هولندة الخصية الآفلة. وفي عام ١٤٦٧ سمح له بأن ينضم إلى نقابة المصورين في جنت. وكان ذلك إرهاصاً بشهرة التصوير الفلمنكي، حتى إن تاجراً إيطالياً في فلاندوز، وقع اختياره عليه، لكي يصور ثلاثية كبيرة لمستشفى سانتا ماريا نيوفا في مدينة فلورنسا التي كانت تعج بالفنانين. وانتخب هوجر لموضوعه هذه العبارة "إن من حملته قد عبدته". وصورة العذراء بالحجم الطبيعي، يغمرها الخشوع، وهي من الروعة بمكان، وإلى اليسار راع يتنبأ بروعة رفائيل وتيتيان، ويعد المنظر الطبيعي الشتوي، عملاً جديداً، من ناحية الحب المخلص للطبيعة. وأن ما اتسم به فان دوجوز من الواقعية العاتية، والأداء الأصيل، والرسم الدقيق والتحديد المضبوط للشخصية، قد وضعه على قمة المدرسة الفلمنكية في الربع الثالث من القرن الخامس عشر. ولقد دخل أحد الأديرة بالقرب من بروكسل (حوالي ١٤٧٥)، أما ليجد مزيداً من الهدوء يعينه على العمل، وأما ليتخلص من المخاوف الدينية التي اعترته. وهناك واصل التصوير وأمعن في تعاطي الخمر، (كما يقول راهب زميل له). واستولت عليه فكرة، إن الله قد كتب اللعنة الأبدية، فأظلمت حياته ودفعته إلى الجنون.

ويخبرنا فسباسيانو دا بستيش، أن الدوق فيديريجو صاحب أوربينو Urbino؛ قد أرسل حوالي عام ١٤٦٨، إلى فلاندرز يطلب مصوراً، يزين غرفة مكتبه، لأنه "لا يعرف أحداً في إيطاليا، يفهم كيف يصور بالألوان الزيتية". فلبى فان فاسنهوف الدعوة، وهو صديق فان درجوز،