وأقام في أربينو، وعرف منذ ذاك باسم جوستس فان جنت. فصور للدوق العالم ثماني وعشرين صورة لطائفة من الفلاسفة كما صور لفريق من الإخوان الرهبان في أربينو مذبحاً "تناول الأسرار المقدسة". ومع أن هذه الآثار فلمنكية الأسلوب إلا أنها تسجل تأثيراً متبادلاً بين فلاندرز وإيطاليا، فقد تأثر المصورون الإيطاليون بالفن الفلمنكي في الإقبال المتزايد على استعمال الزيت والنزعة إلى الواقعية، كما تسربت المثالية والحرفية الإيطالية في الفن الفلمنكي.
ونحن نجد أن هانز مملنج، وإن كنا لم نعثر على خبر يفيد زيارته إيطاليا، وقد أدخل في تصويره رشاقة ورقة، لعله اكتسبها من مصوري كولونيا، أو من روجيه فان درويدن، أو لعل هذا التأثير قد جاءه من البندقية وعلى طول الرين إلى مينز. ولقد ولد بالقرب من مينز، وربما اكتسب نسبه من مسقط رأسه مرملنجن، ثم رجل من ألمانيا إلى فلاندرز ويروجس حوالي عام ١٤٦٥. وهناك، وبعد ثلاث سنوات، طلب إليه سير جون دن، وهو زائر إنجليزي، أن يصور له "العذراء على العرش". فكانت صورة تقليدية في المنهج والآراء. ولكنها تظهر في الوقت نفسه اقتداره الحرفي، ورهافة حسه، وتفرغه للعبادة. ولقد أبرز القديس يوحنا المعمدان، في واقعه فلمنكية والقديس يوحنا الإنجيلي في مثالية ملائكية؛ وكشفت الفردية النامية في الفن، من نفسها في صورة "مملنج" وهو يختلس النظر متلفتاً حول عمود.
وكان مملنج يشبه بروجينو، الذي جاء بعده بقرن من الزمان في رسمه مئات الصور للعذراء، في رقة الأمهات وسكينة الأبرار وهذه الصور معلقة على جدران المتاحف، تراها العين أينما اتحهت في برلين وميونخ وفينا وفلورنسة ولشبونة ومدريد، وباريس ولندن ونيويورك وواشنطن وكليفلند وشيكاغو. وتوجد اثنتان من أحسن هذه الصور بمستشفى ساتت جون في بروجس، ونجد أن مريم تسيطر على صورة "زواج القديسة كاترين الصوفي"، حيث تبدو