يتلقى العلم عند اليسوعيين، ألف فرنك ليشتري بها كتباً (٨٨)". واشترى الابن الكتب، وقرأها، وأصبح فولتير.
إن أروع السحر الذي توج هامة المجتمع الفرنسي هو أن حافز الجنس امتد إلى الذهن، وأن النساء تنبهن ليضفن الذكاء إلى الجمال. وأن الرجال روضن النساء على السلوك المؤدب، والذوق السليم، والحديث المهذب؛ وفي هذا كان القرن (الممتد من ١٦٦٠ إلى ١٧٦٠) في فرنسا أوج الحضارة. في ذلك المجتمع كثرت النساء الذكيات كثرة لم تعهد من قبل، فإذا جمعهن إلى الذكاء فتنة الوجه أو الجسد، أو سحر الاهتمام الناشئ عن الرقة واللطف، أصبحن قوة تهذيب عارمة. وكانت الصالونات تدرب الرجال على الحساسية لرقة الأنثى، والنساء على التجاوب مع عقل الذكر. وفي هذه اللقاءات طور فن الحديث حتى بلغ شأواً لم يبلغه من قبل ولا من بعد-فن تبادل الأفكار دون مغالاة أو خصومة، بل في مجاملة، وتسامح، ووضوح، وخفة، ورشاقة. ولعل هذا الفن كان أقرب إلى الكمال في عهد لويس الرابع عشر منه في أيام فولتير-أقل ألمعية وظرفاً، ولكن أكثر مادة ومودة. كتبت مدام دسفينيه إلى ابنتها تقول "بعد الغداء مضينا إلى السمر في ألطف غابات الدنيا، وظللنا هناك إلى السادسة، مشتغلين بمختلف ألوان الحديث، البالغ العطف، والرقة، واللطف، والكرم، مما مس شغاف قلبي (٨٩) " وقد عزا كثير من الرجال الفضل في تسعة أعشار تعليمهم إلى مثل هذا التبادل والاتصال الاجتماعي بين الجنسين (٩٠).
وفي الغرفة الزرقاء بالأوتيل درامبوييه كان أول الصالونات يسطع ببهائه الأخير. أمه كونديه وإن لم يلمع فيه، وأمه كورنبي، ولاروشفوكو، والسيدتان لافاييت ودسفينيه، ودوقة لونجفيل، والجراند مدموازيل. هناك أرست النساء المتحذلقات Les Femmes Pr (cienses قواعد السلوك الدقيق والحديث المصقول. ولكن حرب الفروند قطعت هذه اللقاءات، ورحلت مدام درامبوييه إلى الريف، مع أن "أوتيلها"(قصرها) فتح بعد