"كان من المفيد لإنسان أن تستقبله في صالونها نظراً إلى الاتصالات التي يكونها عن هذا الطريق. ولم يدر في صالونها أي لعب للقمار، ولا ضحك عالٍ، ولا مجادلات، ولا حديث في الدين أو السياسة، بل دار الكثير من الحديث الذكي الرشيق … وأنباء الغرام، ولكن دون فضح أو تشهير. كان كله حديثاً مهذباً خفيفاً محسوباً، وكانت هي نفسها تغذي الحديث بذكائها وعلمها الغزير (٨٤) ".
وأخيراً أثارت فضول الملك نفسه، فطلب إلى مدام دمانتينون أن تدعوها إلى القصر، واستمع إليها من وراء ستار، فافتتن بها، وكشف لها عن وجوده وقدم نفسه إليها. وكانت في هذه الفترة (١٦٧٧؟) قد كسبت ما يشبه الاحترام، وخلعت عليها أمنتها البسيطة وأياديها الكثيرة سمعة أشرف، فكان الرجال يودعون لديها المبالغ الكبيرة مطمئنين، واثقين دائماً من إمكان استردادها حين يشاءون، ولاحظت باريس كيف كانت نينون تزور الشاعر سكارون كل يوم تقريباً حين أقعده الشلل، وكيف كانت تأتيه بأطايب الطعام التي يعجز عن دفع ثمنها.
ولقد عمرت بعد أصدقائها كلهم تقريباً، حتى سانت إفريمون التسعيني، الذي كانت رسائله التي يبعث بها من إنجلترا عزاء لشيخوختها. كتبت له تقول: أحياناً أضيق بعمل نفس الأشياء دائماً، ويعجبني السويسريون الذين يلقون بأنفسهم في النهر لهذا السبب (٨٥)". وكانت تضيق بالتجاعيد. "إذا كان لزاماً أن يبتلي الله المرأة بالغضون، فأولى به على الأقل أن يضعها على باطن قدمها (٨٦)". فلما دنت منيتها، تنافس اليسوعيون، والجانسنيون على شرف هدايتها للإيمان، فاستسلمت لهم في لطف، وماتت في أحضان الكنيسة (١٧٠٥)(٨٧). ولم تترك في وصيتها سوى عشرة إيكوات لجنازتها، حتى تكون أبسط ما يستطاع، ولكن "أطلب في تواضع إلى المسيو آرويه"- وهو وكيلها- "أن يسمح لي بأن أترك لابنه، الذي