لا يستهان به، متعلمة الكلام بالإيطالية والأسبانية، ربما لتستعين بهما في هذه التجارة الدولية، وقرأت مونتيني وشارون، بل قرأت ديكارت، وأخذت عن أبيها تشككه. وقد جعلت مناقشتها حول الدين في فترة لاحقة دسفينييه ترتعد (٧٨). قالت نينون "إذا احتاج إنسان إلى دين ليسلك في هذه الدنيا كما ينبغي، فتلك علامة إما على ضيق عقله، أو على فساد قلبه"(٧٩). وكان من الجائز أن تخلص من ذلك إلى ضرورة الدين لجميع الناس تقريباً، ولكنها بدلاً من هذا انزلقت إلى البغاء وهي لا تتجاوز الخامسة عشرة (١٦٣٥). وقالت في استهتار "إن الحب عاطفة لا تنطوي على أي التزام خلقي (٨٠) " فلما خلعت العذراء وجهرت بفوضاها الجنسية، أمرت آن النمساوية بحبسها في دير للنساء. وروى أنها فتنت راهبات الدير بظرفها وحيويتها، واستمتعت بحبسها كأنها فرصة للاستجمام. وفي ١٦٥٧ أفرج عنها بأمر الملك.
لقد كان فيها ما هو أكثر كثيراً من مجرد المحظية، حتى إنها سرعان ما ضمت إلى لفيف المعجبين بها عدداً كبيراً من أبرز الرجال في فرنسا، ومنهم نفر من الحاشية (٨١)، من الملحن لولى إلى كونديه العظيم ذاته. وكانت تجيد العزف على الهاربسيكورد، وتحسن الغناء، يقصدها لولى ليجرب ألحانه الجديدة. وقد حوت قائمتها ثلاثة أجيال من آل سفينيه- زوج كاتبة الرسائل اللطيفة، وابنها، وحفيدها (٨٢). وأقبل الرجال من خارج فرنسا يلتمسون ودها. قالت "لم يتشاجر علي عشاق قط، فقد كانوا يثقون في قلبي، وكان كل منهم ينتظر دوره (٨٣) ".
وفي ١٦٥٧ افتتحت صالوناً، ودعت إليه رجال الأدب والموسيقى والفن والسياسة والحرب، وأحياناً زوجاتهم، وأذهلت باريس بما أبدت من ذكاء لا يقل عن ذكاء أي امرأة في جيلها أو ذكاء أكثر الرجال، فلقد طالعهم فيها عقل مينيرفا من خلف وجه فينوس. يقول فيها قاض صارم هو سان- سيمون: