وبراعته في الجدل والمناقشة، ولكنه أصر على "مذهب واحد، ونظام واحد، وديانة واحدة شكلاً وموضوعاً (٢٢) "، وأعلن أن النظام الأسقفي أمر لا معدي عنه. وذهب أسقف لندن إلى أن الملك ملهم من عند الله، "وأنه لم ير له مثيل منذ عهد المسيح (٢٣) ". ولكن البيوريتانيين شكوا من أن الملك تصرف وكأنه طرف في الدعوى، أكثر منه حكماً أو قاضياً فيها، ولم يتمخض المؤتمر عن شيء اللهم إلا القرار التاريخي الذي لم يكن يتوقعه أحد، إلا وهو إعداد ترجمة جديدة للكتاب المقدس. وأصدر المجمع الكنسي الأنجليكاني في ١٦٠٤ بعض القوانين التي تطلب من كل رجال الدين إتباع القواعد الكنسية الأنجليكانية. وفصل الذين رفضوا الامتثال، وسجن آخرون، واستقال كثيرون، وهاجر فريق آخر إلى هولندا وأمريكا.
وجلب جيمس على نفسه الخزي والعار بإحراق اثنين من طائفة الموحدين (الذين يرفضون التثليث ويقولون بالتوحيد) بتهمة الشك في ألوهية المسيح، برغم البراهين التي قدمها الملك إليهم (١٦١٢). ولكنه أحسن صنعاً في أنه لم يجز بعد ذلك الإعدام بسبب الخلاف الديني، فكان هذان الاثنان آخر من لقي حتفه بتهمة الكفر في إنجلترا. وباطراد التحسن في الحكومة الدنيوية، أخذت تسود. في بطء، الفكرة القائلة بأن التسامح الديني ينسجم مع الأخلاق العامة والوحدة الوطنية، وتغزو ما كان راسخاً في الأذهان، بطريقة تكاد تكون شاملة، من أن النظام الاجتماعي يتطلب ديانة وكنيسة لا ينازعهما أحد. وحاول ليونارد بوشر في كتابه "السلام الديني"(١٦١٤) أن يدلل على أن الاضطهاد الديني يوسع هوة الخلاف ويؤدي حتماً إلى النفاق، ويضر بالتجارة، وذكر جيمس بأن "اليهود والمسيحيين والأتراك المسلمين متسامحون في القسطنطينية، ومع ذلك فهم جميعاً مسالمون ويعيشون في سلام (٢٤) " على أن بوشر هذا يرى أن الأفراد الذين تشوب عقيدتهم شائبة الخيانة-ولعله يقصد الكاثوليك الذين يرفعون البابا فوق منزلة الملك-ينبغي أن يحرم عليهم عقد الاجتماعات، أو الإقامة في أبعد من عشرة أميال من مدينة لندن.