للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف؟ أجاب فيشته:

"بإصلاح التعليم إصلاحاً كاملا، ومده ليشمل كل طفل ألماني، وجعله إلزاميا، وإعادة صياغته ليركز على الجوانب المعنوية الأخلاقية لا أن يكون الغرض منه تحقيق النجاح التجاري. ليس هناك حديث أكثر من ذلك عن ثورة، فليس هناك إلا ثورة واحدة وهي تنوير العقول وتطهير الطباع. لابد من تطوير قدرات الطفل على وفق منهج بيستالوزي Pestalozzi (السويسري) ولابد من توجيههم لتحقيق أغراض الأمة وأهدافها كما تحددها الدولة. ولابد أن يقود الدولة متعلمون مخلصون ولا يجب أن تكون خاضعة لإرادة الجيش وإنما توجهها إرادة الأمة، وأجهزتها. ولابد أن يكون كل مواطن خادما للدولة، وأن تكون الدولة خادمة للجميع. وحتى الآن فإن الجزء الأكبر - إلى حد بعيد - من دخل الدولة … يتم إنفاقه لإقامة جيش دائم أما تعليم الأطفال فترك لرجال الدين الذين يستغلون الله كوسيلة للبحث عن الذات في عوالم أخرى بعد موت الجسد … مثل هذا الدين سيدفن حقا ليكون مع الماضي".

لابد أن يحل محله دين الوعي الأخلاقي القائم على حسّ ملم بالمسئولية الجماعية. واعتقد فيشته أن الوصول لهذا النوع من الرجال، يستلزم:

"فصل الطلاب عن مجتمع البالغين ليكونوا مجتمعا منفصلا ومكتفيا ذاتيا .... تدريبات بدنية .. زراعة وتجارة بمختلف أنواعها بالإضافة إلى تنمية العقل بالتعليم .. إن الطلبة بعد أن نعزلهم على هذا النحو مبتعدين بهم عن مفاسد الماضي، فإنهم بالعمل والدراسة سيكونون متحفزين ولابد لخلق صورة لنظام البشرية الاجتماعي كما ينبغي أن يكون أي - ببساطة - كما يتمشى (أي هذا النظام) مع العقل. إن الطالب في هذه الحال يملأ بحب شديد لمثل هذا النظام (نظام الأشياء كما يجب أن يكون) بدرجة يصعب معها تماما ألا يأنس إليه ويرغبه، وبدرجة يصعب معها تماما ألا يعمل بكل قوته لتحسينه عندما يتحرر من توجيه المعلم".

إنه حلم رائع يذكرنا بجمهورية أفلاطون ويسبق دعاة Prophets الاشتراكية الذين انعقدت عليهم الآمال في القرون المتعاقبة. ولم يكن لهذه الأفكار سوى تأثير قليل في عصر فتشته كما لم تسهم إلا بالقليل (رغم أن هذا القليل قد جرى تضخيمه) في إلهاب الحماس ضد نابليون. لكن فيشته كان يفكر في أمر هو أعظم من طرد الفرنسيين