لقد كان شيلنج ابنا لقس بروتستانتي (من أتباع لوثر) في فيرتمبرج Wurttemberg، وكان أبوه من ذوي الممتلكات، وراح يعد ابنه ليشغل منصبا كهنوتياً (ليكون أحد رجال الدين)، فألحقه بكلية اللاهوت في توبنجن Tubingen، وهناك أصبح شيلنج وهولدرلين Holderlin وهيجل يشكلون مجموعة نشيطة من الدارسين الراديكاليين الذين احتفوا بالثورة الفرنسية وأعادوا تعريف الإله (أي تحديد معنى جديد له) وأقاموا فلسفة جديدة قائمة على المزج بين أفكار سبينوزا وكانط وفيشته. وأضاف شيلنج قصيدة بعنوان عقيدة إبيقوري The Creed of an Epicurean ويمكن أن يتنبأ المرءُ مطمئناً أن هؤلاء الشباب اليافعين سيكون اتجاههم محافظاً يحترم القديم.
واشتغل لبضع سنين مدرساً، مثل فيشته وهيجل ونشر وهو في العشرين مقالاً عن أسس الفلسفة (١٧٩٥) لفت أنظار فيشته وضمن لشيلنج دعوة لتدريس الفلسفة في يينا، وكان وقتها في الثالثة والعشرين. وكان راضياً - لفترة - بوصف نفسه بأنه أحد أتباع فيشته. وأنه يقبل العقل كحقيقة وحيدة، لكن في يينا Jena، وبعد ذلك في برلين انضم للرومانسيين وأتاح لنفسه نشوة عابرة:
لن أطيق هذا طويلاً، لابد أن أمارس الحياةَ بشكل أعمق، لا بد أن أترك حواسي حرّة - فهذه الحواس هي - تقريباً - أساسي الذي خرجت منه (اشتُقِقتُ منه) على وفق ما تقول به النظريات الكبرى التي تتناول ما وراء الخبرة البشرية transcendental theories ولكنني أيضاً سأعترف الآن كيف أن قلبي يثب والدماء الحارة تندفع في عروقي .. ليس لي دين إلا هذا، وهو أنني أحب الرُّكب الجميلة التكوين والصدور الناهدة والخصور النحيلة والورود التي تفوح عطراً، والإرضاء الكامل لرغباتي، وتلبية كل حب أطلبه، وإذا كان لا بد أن يكون لي دين (رغم أنني أستطيع أن أعيش بدونه بسعادة أكثر) فلا بد أن يكون هذا الدين هو الكاثوليكية في شكلها القديم حيث كان القسس والمصلون من غير رجال الدين يعيشون معاً .. ويمارسون يومياً في بيت الرب House of God المرحَ الصاخب ويعربدون.
ومن المعقول أن يكون هذا العاشق المتحمس للحقيقة المادية الملموسة مروِّعاً للهالة المثالية المحيطة بفيشته في يينا Jena، والتي ظلت - أي هذه الهالة - وراءه حتى بعد أن غادر يينا