لخشيارشاي:"إن اللسديمونيين، وإن كانوا أحراراً، ليسوا أحراراً في كل شيء، لأن القانون سيدهم الأعلى، يخافونه أكثر مما يخافك شعبك"(٧٤). وقل أن تجد شعباً غيرهم- مع جواز استثناء الرومان واليهود في العصور الوسطى- كان احترامه لقوانينه سبباً في قوته. وقد ظلت إسبارطة مائتي عام على الأقل تزداد قوة على قوة تحت حكم دستور ليكرجوس، وهي وإن عجزت عن فتح أرجوس وأركاديا، قد أقنعت جميع البلوبونيزيين أن يقبلوا زعامتها لحلف البلوبونيز الذي ساد بفضله السلام في جزيرة بلوبس ما يقرب من قرنين كاملين (٥٦٠ - ٣٨٠ ق. م). وكانت بلاد اليونان على بكرة أبيها تعجب بجيش إسبارطة وحكومتها، وتتطلع إلى معونتها في ثل عروش الطغاة الظالمين. ويحدثنا زنوفون عن "الدهشة التي عرتني حين لاحظت أول مرة موقع إسبارطة الفذ بين دول اليونان، وعدد سكانها القليلين بالنسبة لغيرها من الدول، وقوة شعبها ومنزلته العالية بالرغم من هذه القلة. وقد حيرني تعليل قوة هذا الشعب ومنزلة هذه الدولة. ولم تزل هذه الحيرة إلا حين فكرت في أنظمة الإسبارطيين العجيبة"(٧٥). ولم يكن زنوفون يمل من الثناء على أساليب الإسبارطيين، كما لم يكن أفلاطون وبلوتارخ يملان من الثناء عليهم. ولا حاجة إلى القول بأن إسبارطة هي التي وجد فيها أفلاطون الخطوط الرئيسية لمدينته الفاضلة، التي طمس معالمها بعض الشيء إغفاله العجيب للمثل العليا. ولقد كان كثيرون من المفكرين اليونان يعمدون إلى تمجيد نظام إسبارطة وشرائعها بعد أن ملوا ما في الدمقراطية من انحطاط وفوضى وأوجسوا في أنفسهم خيفة منهما.
والحق أنهم كانوا يستطيعون الثناء على إسبارطة لأنهم لم يضطروا إلى المعيشة فيها، ولم يروا عن كثب ما في أخلاق الإسبارطيين من أنانية، وبرود، وقسوة، ولم يتبينوا ممن يرونهم من الصفوة التي التقوا بها منهم، أو من الأبطال الذين يمجدونهم عن بعد، أن الشرائع الإسبارطية كانت تخرج