إنهم كانوا يسنوا قانوناً يحدد حجم المعدة، ولكن إذا كبر بطن الرجل كبراً معيباً، كان عرضة لأن تؤنبه الحكومة علناً على هذا الكبر أو أن تنفيه من لكونيا (٦٧). ولم يكن في إسبارطة إلا القليل من السُكْر واللهو المنتشرين في أثينة؛ وكان ثمة فروق حقيقية في الثروات، ولكنها كانت فروقاً خفية؛ فقد كان الأغنياء والفقراء يلبسون الثياب البسيطة نفسها- وهي قميص من الصوف يتدلى من الكتفين من غير تظاهر بجمال أو اختيار شكل معين له؛ وكان الإكثار من الثروة المنقولة من أصعب الأمور، وكان ادخار نقود حديدية تبلغ قيمتها نحو مائة ريال أمريكي يتطلب صندوقاً كبيراً، ولم يكن نقل هذا القدر من المال يحتاج إلى أقل من ثورين (٦٨)، ذلك أنه كان من المستطاع شراء الإفورين، وأعضاء مجلس الشيوخ، والرسل، وقواد الجيش، والملوك بأثمان تتفق مع مكانتهم (٦٩). ولما أن عرض سفير من جزيرة ساموس صحافة الذهبية في إسبارطة حتم الملك كليومنيس الأول استدعاءه منها لئلا يفسد مواطنوه بهذا المثل الأجنبي (٧٠).
وكان نظام الحكم الإسبارطي، لخوف الأهلين من هذه العدوى، غير كريم في معاملة الأجانب إلى حد لم يسبق له مثيل. فقلما كان الأجانب يرحب بهم في البلاد، وكانوا يفهمون عادة أن زياراتهم يجب ألا تطول، فإذا طالت فوق ما يجب صحبهم رجال الشرطة إلى حدود البلاد. وكان يحرم على الإسبارطيين أنفسهم أن يخرجوا من بلادهم إلا بإذن من الحكومة؛ كما كان يقلل من تشوفهم بتعويدهم العزلة المتعجرفة التي لا يحلمون معها أن في وسع غيرهم من الأمم أن تعلمهم شيئاً (٧١)؛ وكان لا بد لهذا النظام أن يكون غير كريم إلى هذا الحد ليحمي بذلك نفسه؛ لأن ريحاً تهب من هذا العالم المحرم عليه، عالم الحرية، والترف، والآداب، والفنون، قد تدك هذا النظام المصطنع العجيب الذي كان ثلثا الشعب فيه من الأقنان وكل السادة فيه من الرقيق.