يمتزن "بالجرأة والرجولة، وبالتشامخ على أزواجهن .. وكن يتحدثن بصراحة حتى في أهم الأمور"؛ وكان من حقهن أن يرثن ويورثن، وقد آلت لهن على مر الوقت نصف الأملاك الثابتة في إسبارطة بفضل ما كان لهن من سيطرة قوية على الرجال (٦٥). وكن يعشن في بيوتهن عيشة الترف والحرية، على حين كان الرجال يقاسون أهوال الحروب الكثيرة، أو يطعمن الطعام البسيط مع سائر الرفاق.
ذلك أن الدستور الإسبارطي كان يفرض على كل رجل من سن الثلاثين إلى الستين أن يتناول وجبته اليومية الرئيسية في مطعم عام كبير، وكان الطعام فيه بسيطاً في نوعه وأقل قليلاً في كميته مما يلزم للشخص العادي. وكانت هذه القلة في الطعام متعمدة يقصد بها المشترع- كما يقول بلوتارخ- أن يعودهم الصبر على ما يلاقونه في الحرب من حرمان، وأن يحول بينهم وبين ما ينشأ في عهود السلم من تدهور وانحطاط؛ فكان يحرم عليهم "أن يقضوا حياتهم في البيوت، ينامون على الفراش الوثير ويطعمون الطعام الشهي، يسلمون أنفسهم إلى أيدي التجار والطهاة، يتخمونهم في أركان الدور كما يتخمون الحيوانات الشرهة، فلا يفسدون بذلك عقولهم فحسب بل يفسدون أجسامهم كذلك، فإذا ما انحطت قواهم بسبب ذينك الانهماك والإفراط، أصبحوا في حاجة إلى النوم الطويل والاستحمام بالماء الساخن والتحرر من العمل؛ وجملة القول أنهم يصبحون لا يعنون بعمل شيء ولا يشرفون على شيء كأنهم مصابون بعلة دائمة لا يبرءون منها"(٦٦). وكانوا يحصلون على المواد اللازمة لهذه الوجبة العامة بأن يطلب إلى كل شخص أن يقدم في فترات معينة إلى النادي الذي يطعم فيه كميات محددة من الحبوب وغيرها من الطعام؛ فإذا لم يقدمها حرم من حقوق المواطنين.
وكانت هذه البساطة في المأكل والمشرب، وكان هذا التقشف في المعيشة اللذان يدرب عليهما الشاب الإسبارطي يمتدان في القرون الأولى بعد وضع القانون إلى ما بعد سن الشباب. ولذلك كانت البدانة نادرة في لسديمون؛ نعم