وكان الوالدان هما اللذان ينظمان زواج أبنائهما، دون أن يكون للبيع والشراء أثر في هذا التنظيم؛ فإذا ما اتفقا على الزواج كان ينتظر من العريس أن ينتزع عروسه من بيت أبيها قوة واقتداراً، كما كان ينتظر منها أن تقاوم هذا الانتزاع، وكان اللفظ الذي يعبر به عن الزواج هو لفظ هربدزين harpadzein أي الاغتصاب (٥٩). فإذا ترك هذا التنظيم بعض الكبار بلا زواج، جاز حشر عدد من الرجال في حجرة مظلمة ومعهم عدد مساو لهم من البنات، ثم يترك هؤلاء وأولئك ليختار كل رجل شريكة حياته في الظلام (٦٠)؛ ذلك أن الإسبارطيين كانوا يعتقدون أن هذا الاختيار لم يكن فيه من العمى أكثر مما في الحب. وقد كان من المألوف أن تبقى العروس مع أبويها وقتاً ما، وأن يبقى العريس في ثكناته لا يزور زوجته إلا خلسة. ويقول بلوتارخ إنهما كانا يعيشان على هذا النحو زمناً طويلاً حتى لقد كان بعضهم ينجب من زوجته أطفالاً قبل أن يرى وجهها في ضوء النهار". فإذا ما أوشكا أن يكونا أبوين سمح لهما بأن ينشئا بيتاً. وكان الحب ينشأ بعد الزواج لا قبله، ويلوح أن الحب بين الزوج وزوجته لم يكن في إسبارطة أقل منه في سائر الحضارات (٦١). وكان الإسبارطيون يفخرون بأن الزنا لا وجود له بينهم، وقد يكونون على حق في هذا الفخر، لأنهم كانوا يتمتعون قبل الزواج بقسط كبير من الحرية، وكان الكثيرون من الأزواج يقبلون أن يشترك معهم غيرهم وخاصة إخوتهم في زوجاتهم (٦٢). وكان الطلاق نادراً، وقد عوقب ليسندر Lysander القائد الإسبارطي لأنه هجر زوجته وأراد أن يتزوج أخرى أجمل منها (٦٣).
وكان مركز المرأة بصفة عامة في إسبارطة خيراً منه في أي مجتمع يوناني آخر، فقد احتفظت فيها أكثر من سائر المدن اليونانية بمكانتها الهومرية العالية وبالمزايا التي بقيت لها من أيام المجتمع القديم الذي كان الأبناء فيه ينسبون إلى أمهاتهم .. وفي ذلك يقول بلوتارخ إن النساء الإسبارطيات كن