التمثيل وسط الجمهور تماماً، حتى ليكاد يحس بأنه جزء من الحدث.
ولم يكن النظارة يشكلون جزءاً صغيراً من المسرح، وكان متعهدو الحفلات يبيعون التين والتفاح والبندق والكتيبات للمتفرجين، وفيما بعد ذلك- إذا صدقنا وليم برين البيوريتاني، -كانت الغلايين تقم للنساء (٤٧). وجاءت النساء إلى الروايات أفواجاً، لا يعوقهن عن ذلك تحذيرات المنابر بأن مثل هذا الاختلاط يحرض على الغواية. وفي بعض الأحيان-حين كان الصراع الطبقي يعترض المسرحية، كان جمهور الدرجة الثالثة يقذفون بمخلفات طعامهم على المتأنقين الجالسين على المنصة، ويجدر بنا، لكي نفهم الرواية في عصر إليزابث، أن نذكر هذا الجمهور: العاطفة التي تهلل لقصة الحب، والمرح القلبي الحماسي الذي تلهف على رؤية المهرجين مع الملوك، والخيلاء التي استساغت البلاغة، والحيوية الفظة التي استمتعت بمشاهد العنف- كما نتذكر قرب المنصة المثلثة الجوانب التي تعزى بالمناجاة والكلام على انفراد.
وكثر الممثلون، وكاد الممثلون جوابو الآفاق أن يظهروا في أية مدينة تقريباً في أيام الأعياد والاحتفالات، يمثلون في ميدان القرية، أو في فناء الحانة، أو في حظيرة للماشية أو في قصر من القصور، وفي أيام شكسبير لم يكن هناك ممثلات، وكان الأولاد يمثلون الأدوار النسائية، فكان يمكن للمشاهدين في أيام إليزابث أن يروا ولداً يمثل امرأة متنكرة في زي فتى أو رجل. وفي المدارس الخاصة الأرستقراطية قدم الطلبة مسرحيات كجزء من تدريبهم أو دراساتهم. ونافست فرق الممثلين الأولاد هذه فرق الممثلين الكبار، عن طريق عرض الروايات في مسارح خاصة للجمهور وللمتفرجين الذين يدفعون أجوراً، وشكا شكسبير من هذه المنافسة (٤٨)، وتوقفت بعد ١٦٢٦.
وحتى يتفادى الممثلون البالغون إدراجهم في مصاف المتشردين، نظموا أنفسهم في فرق تحت رعاية وحماية النبلاء الأثرياء- ليستر، سسكس، أكسفورد، اسكس وكان للورد أمير البحر فرقة، وكذلك للورد كبير الأمناء، وكان هؤلاء الرعاة والحماة يدفعون أجور الممثلين عن العروض التي يقدمونها في قاعات البارونات والنبلاء. وفيما عدا هذا عاش الممثلون مزعزعين غي مستقرين على أنصبتهم في فرقتهم.