له. وقد نظم ديفي مكتبته الخاصة وكان يصنف الغازات بتشممها وحث كولردج وسوثي على مشاركته في تشمم الغازات كاد يقتل نفسه بتسممه أبخرة الغازات شديدة السمية.
ونشر وهو في الثانية والعشرين مبحثا عن تجاربه بعنوان مباحث كيميائية وفلسفية Researches Chemical and Philosophical في سنة ١٨٠٠. ودعاه الكونت رمفورد وجوزيف بانكس Banks إلى لندن لإلقاء محاضرات عن عجائب المركم (البطارية battery) (عمود فولتا Voltas pile) وعرض لبعض إمكاناتها، فحقق شهرة جديدة في المعهد الملكي Royal Institution لقد استخدم بطارية مكونة من ٢٥٠ زوج من الرقائق المعدنية كوسيلة للتحليل الكيميائي بالكهرباء واستطاع - بهذه الطريقة - تحليل المواد المختلفة إلى عناصرها، فاكتشف - وعزل - الصوديوم والبوتاسيوم، وواصل تجاربه فاستطاع عزل الباريوم barium والبورون boron والسترونتيوم strontium والكالسيوم والمغنيسيوم وأضافها إلى قائمة العناصر. لقد وضعت اكتشافاته وإنجازاته أسس علم الكيمياء الكهربائية، كعلم له إمكانات نظرية وعملية لا حد لها. ووصلت أخبار أعماله إلى نابليون فأرسل له في سنة ١٨٠٦ عبر جبهة القتال جائزة المعهد الوطني الفرنسي Institute Nationale.
وكان بيرثوليه Berthollet قد شرح في سنة ١٧٨٦ لجيمس وات Watt ما في الكلور chlorine من طاقة تبييض bleaching power وتوانت إنجلترا في الأخذ بهذه الفكرة إلا أن ديفي جدد الأخذ بها وكانت جهوده فعالة. لقد تطور العلم والصناعة من خلاله فقد كانت اكتشافاته وتجاربه ذوات دور رائد في التحول الاقتصادي لبريطانيا العظمى. وفي سنة ١٨١٠ أجرى ديفي تجارب لإظهار قوة التيار الكهربائي بتمريره من سلك كربوني دقيق إلى سلك آخر، لإنتاج ضوء وحرارة، وكان ذلك أمام جمهور المعهد الملكي. وقد وصف هذه العملية كالتالي:
عند تقريب قطع من الفحم النباتي يبلغ طول القطعة الواحدة منها بوصة واحدة ويبلغ قطرها سدس بوصة - بعضها من بعضها الآخر (بحيث تكون كل قطعة على بعد: واحد على أربعين أو واحد على ثلاثين من البوصة) ينتج عن هذا شرارة فيحترق أكثر من نصف حجم الفحم النباتي ليصبح رمادا أبيض، وبسحب مآخذ التيار points وإبعادها بعضها عن