رضاء البابوات بإظهار الولاء لهم، وبإغداق الأموال على الأديرة؛ وشجع التجارة، والآداب والفنون بمناصرتها وبما سنه لها من القوانين المستنيرة، وجعل ترنوفا من أكثر مدائن أوربا جمالاً، ورفع منزلة بلغاريا في الثقافة والحضارة إلى مصاف معظم الأمم الراقية في تلك الأيام. لكن خلفاءه على العرش لم يرثوا منه حكمته؛ وأشاعت غزوات المغول الاضطراب في الدولة وأضعفتها (١٢٩٢ - ١٢٩٥)، وأدى ذلك إلى خضوعها في القرن الرابع عشر إلى الصرب أولاً ثم إلى الأتراك فيما بعد.
وأفلح الزهوبان Zhupan (الزعيم) استيفن نمانيا Stephen Nemanga في عام ١١٥٩ في إخضاع العشائر والأقاليم الصربية المختلفة لحكمه، فكان هو المؤسس الحقيقي لمملكة الصرب، التي ظلت خاضعة لحكم أسرته مائتي عام. وكان ابنه سافا Sava يؤدي للأمة أعمال كبير الأساقفة والحاكم السياسي في وقت واحد، فأصبح فيما بعد أعظم قديسيها منزلة في نفوس الأهلين. وكانت البلاد لا تزال فقيرة، حتى كانت القصور الملكية نفسها تقام من الخشب. وكانت لها فرصة بحرية مزدهرة هي مدينة راجوسا Ragusa (دبرفنيك Dubrovnik الحالية)، ولكن هذه المدينة كانت دولة مستقلة مفردة. أصبحت في عام ١٢٢١ خاضعة لحماية البندقية. واتخذ الفن الصربي في خلال هذين القرنين طرازاً خاصاً به وبلغ درجة عظيمة من الإتقان في هذا الطراز الخاص، نتبينهما في الصور والنقوش المرسومة على جدران كنيسة القديس بنتيليمون Panteleimon ذات الدير في نريز Nerez (حوالي عام ١١٦٤)، فهي تكشف عن واقعية مسرحية لم نعتدها في التصوير البيزنطي، وتسبق بقرن من الزمان بعض أساليب التصوير التي كانت في ظن الناس من ابتكار دشيو Duccio وجيتو Giotto. وتظهر في هذه الصور الجدارية وغيرها مما رسم في القرنين الثاني عشر والثالث عشر صور للملوك تنم عن فردية لا تضارعها فيها أية صورة بيزنطية قبل ذلك العهد (١٥).