وبنما كانت بلاد الصرب في العصور الوسطى تسير نحو حضارة راقية، حطمت الاضطهادات والمروق من الدين وحدة الأمة، ولربما كان في وسعها لولا هذا أن تقف زحف الأتراك. كذلك أضعفت المنازعات الدينية البوسنة Bosnia بعد أن بلغت ذروة مجدها في العصور الوسطى تحت حكم البان Ban (أي الملك) كولين Kulin (١١٨٠ - ١٢٠٤) ، وما زالت كذلك حتى خضعت إلى المجر عام ١٢٥٤.
وعم الاضطراب هنغاريا بعد موت استيفن الأول (١٠٣٨) من جراء الفتن التي أثارها المجر الوثنيون على الملوك الكاثوليك، وما بذله هنري الثالث من محاولات لضم هنغاريا إلى ألمانيا. وهزم اندرو الأول Andrew I هنري، ولما جدد الإمبراطور هنري الرابع هذه المحاولة فوت الملك جيزا الأول Giza I عليه غرضه بأن أعطى هنغاريا إلى جريجوري السابع، ثم استردها منه إقطاعية بابوية (١٠٧٦). وأدى التنافس على العرش في القرن الثاني عشر إلى تقوية الإقطاع في البلاد، فقد منح المتنافسون النبلاء إقطاعيات واسعة نظير تأييدهم لهم، حتى بلغ هؤلاء النبلاء من القوة في عام ١٢٢٢ ما مكنهم من انتزع "مرسوم ذهبي Golden Bull" شبيه شبهاً عجيباً بالعهد الأعظم (مجنا كارتا) الذي وقعه جون ملك إنجلترا في عام ١٢١٥. وقد أنكر هذا المرسوم وراثة الإقطاعيات، ولكنه وعد أن يدعى مجلس كل عام، وألا يسجن أي نبيل إلا بعد أن يحاكم أمام كونت من القصر الإمبراطوري، وألا تفرض ضريبة ما على ضياع الأشراف أو رجال الدين. وظل هذا المرسوم الملكي المعروف باسم المرسوم الذهبي نسبة إلى غلافه أو خاتمه صك الحرية لأشراف هنغاريا، وأضعف سلطة الملكية الهنغارية وقت أن كان المغول يستعدون لإيقاع أوربا في أزمة من أشد الأزمات في تاريخها كله.