في قبضة أهلها الشديد المراس. وأما دينها، شأنه شأن الأنجليكانية، فكان نتاج حركة الإصلاح البروتستنتي، لا تركة موروثة عن الكنيسة الوسيطة، وقد وحد صفوف الأمة بدلاً من أن يقسمها، وبعد قانون الاتحاد (١٧٠٧) شاركت إسكتلندة بنسبة السكان في انتخاب البرلمان الذي أصبح الآن يسمى البرلمان البريطاني (أي الإنجليزي-الويلزي-الاسكتلندي)، وأذعنت لأن تحكم من لندن، ولكن بعد أن انتزعت تنازلات تجارية أثرت الشعب الاسكتلندي. وحاولت كل أبرشية في إسكتلندة أن تنشئ مدرسة لأطفالها، ووفرت أربع جامعات بها أفضل ما وجد في الجزر البريطانية آنئذ من تعليم عال. وقد ازدهر هذا النشاط التعليمي خلال القرن الثامن عشر في حركة "تنوير اسكتلندي" دفعت الفكر الإنجليزي دفعة قوية-أبطالها هيوم، وهتشسن، ورايد، وروبرتسن، وآدم سميث.
على أن هذا الإنجاز الرائع اقتضى تحقيقه الكفاح الطويل، وانقضت خمسون عاماً قبل أن يؤتى الاتحاد أكله. فقد كانت إسكتلندة في ١٧١٤ لا تزال إقطاعية النظام. كل إقليم فيها خارج المدن يحكمه نبيل كبير بوساطة أتباعه المقطعين، والأرض تفلحها طبقة من المستأجرين الفلاحين، موالين لسادتهم، ولاحظ لهم من التعليم. ولكن الاتحاد السياسي مع إنجلترا أخذ الآن يقوض ذلك البناء. كان النبلاء يسيطرون على البرلمان الاسكتلندي، فلما اختتم عهد ذلك البرلمان وجد الممثلون الاسكتلنديون في البرلمان البريطاني أنفسهم في بيئة ينافس فيها نفوذ التجارة والصناعة نفوذ الأرض؛ فتبنوا الأفكار والتكنولوجيا الإنجليزية، وما وافت سنة ١٧٥٠ حتى كان أصحاب صناعات إسكتلندة وتجارها يتحدّون الزعامة القومية التي احتكرها الأرجيليون، والأثوليون، والهاملتونيون، والماربون. وكانت مغامرة ١٧٤٥ الاستيوارتية آخر انتفاضة من انتفاضات السلطة الإقطاعية الاسكتلندية، فلما أخفقت اندمجت حياة إسكتلندة الاقتصادية في الاقتصاد الإنجليزي، وبدأ حكم الطبقات الوسطى. وفتح الاتحاد المستعمرات الإنجليزية للتجارة الاسكتلندية، وفي ١٧١٨ أطلقت جلاسجو أول سفينة اسكتلندية لتعبر الأطلنطي، وما لبث التجار الاسكتلنديون أن انتشروا في كل مكان. وتحسنت التكنولوجيا الزراعية