أسبانية-بارود يتزوج ناراً. وبعد أتجول فانيني في أنحاء أوربا-كما فعل برونو-يختبر الأجواء واللاهوتيات، ويؤلف المكتب، وفيها ومضات عارضة من فكر ثاقب (مثل وقله إن الإنسان كان يوماً من ذوات الأربع) لا تماد تتوازن مع الهراء الغامض؛ استقر به المقام في تولوز (١٦١٧)، حيث قضى-مثل برونو-عامين نعم فيها بالهدوء. ولكن أحد المترددين على محاضراته وشى به على أنه يسخر من التجسيد ويعارض فكرة وجود "إله بشري"(٣٨). وثمة مستمع آخر، هو سيردي فرانسون-كسب ثقة فانيني واستدرجه-كما فعل موسبيجو مع برونو من قبل-وأبلغ أمره إلى برلمان البلدة. فقبض عليه في ٢ أغسطس ١٦١٨، لا بأمر الكنيسة؛ بل بناء على أمر من مفوض الملك العام. واستناداً إلى محاضراته اتهم بالإلحاد والتجديف، وهاتان جريمتان تعاقب عليهما الدولة. وأكد فانيني إيمانه بالله، ولكن فرانسون زعم أن السجين صرح بإلحاده وكفره أكثر من مرة قائلاً بأن "الطبيعة هي الإله الوحيد" وأقر للقضاة شهادة الشاهد، وعلى الرغم من احتياجات فانيني الصارخة، وما أظهره من تقى وورع في سجنه، صدر الحكم عليه-وهو في الرابعة والثلاثين: -
بأن يسلم إلى الجلاد، الذي يجره إلى سياج نقال، وهو في قميصه، وحبل المشنقة حول عنقه، حاملاً فوق كتفيه إعلاناً يقول "ملحد دنس اسم الله" وعلى الحال يقوده أمام المدخل الرئيسي لكنيسة القديس ستيفن، وهناك يجثو على ركبتيه ليطلب الغفران من الله ومن الملك والعدالة، عن تجديفه وإلحاده، ثم يسوقه إلى ميدان سالين، ويشده إلى خازوق مقام هناك، ويقطع لسانه، ويشنقه، ثم يحرق جسمه ثم يترك الرماد لتذروه الرياح (٦٥).